عليكم لعنات الحب
اليوم الأحد الموافق 4 سبتمبر من عام 2022، ومع نظر أولى جلسات القضية التي هزت أرجاء الشرقية، بإراقة دماء طالبة كانت تحلم بأولى خطواتها نحو حياتها العملية بعد التخرج بتفوق، من كلية الإعلام بإحدى الجامعات الخاصة، لم يمهلها مغتصب الفرحة ممن سولت له نفسه بأن كل ما يريده لابد وأن يأتي طوع بنانه ليقرر بدم بارد إزهاق روحها موجها لها عدد من الطعنات تجاوزت الـ17، لتقتل فتاة الزقازيق أو ضحية الشرقية، إنها سلمى بهجت بنت مركز أبو حماد..
سلمى بهجت كتبت بدمائها صرخة أنثى كل ما اقترفته من ذنب أنها حلمت بالحب الذي شاهدته في الأفلام السينمائية، ولكن أي حب ومع من ذلك الحب، مع شخص لم يعرف عن الحب إلا التملك والتطرف الفكري والعاطفي، فكانت رسالتها ووصيتها التي صرخت بها دون كلمات منطوقة: «إن كنت لا تعرف الحب، فما يجديك شروق الشمس أو غروبها».
الحب الأعمى
في اليوم الشؤم ذلك الذي أريقت فيه دماء سلمى بهجت على يد زميلها إسلام محمد فتحي، الكل تذكر بحزن وأسى تلك الضحية التي سبقتها بقرابة 50 يومًا، فتاة المحلة نيرة أشرف والتي قتلت هي الأخرى على يد محمد عادل، ولنفس الأسباب، ذلك الحب الأعمى الذي حركته فقط غريزة التملك..
ويالا الأسف ظن الكثيرون وإن كنت أحدهم بتلك الضجة التي احدثتها قضية نيرة أشرف وما تلتها من ضجة مماثلة بمقتل سلمى بهجت أنها ستكون عبرة وعظة لكل من كان عبدًا لغريزة التملك الأعمى، لتأتي صبيحة نفس يوم أولى جلسات محاكمة قاتل سلمى، متزامنة مع جريمة أخرى لا تقل بشاعة وهذه المرة كانت من نصيب أهالي بركة السبع بمحافظة المنوفية، الذين فجعوا لمصرع إبنتهم أماني الجزار الطالبة بكلية التربية الرياضية بطلق خرطوش في الظهر أثناء سيرها في الشارع، على يد عاطل، رفض أهل الضحية طلبه لخطبتها.
فهل كل من تقدم لخطبة فتاة وتم مقابلة طلبه بالرفض قتلها؟ هل كل من أحب ولقى طلبه بالرفض من المحبوبة تدفع ثمنه من دمائها؟ قديمًا كنا نسخر من النهاية الدرامتيكية لكليوباترا وانطونيو بعدما إنتحرا تخليدًا لذكرى حبهما، وكم من السخرية لقيها قيس لفقدان عقله عشقًا لمحبوبته ليلى.. ياليتنا بقينا على حب انطونيو وجنون قيس.
فيا أرباب البيوت علموا أولادكم كيف يكون الحب.. وقبل أن تعلموهم علموا أنفسكم كيفية تغيير قناعات الإنسان وكيف يعيد ترتيب أولوياته، كيف نفرض عليه الحب إن كان لا يراه يستحق التضحية.. صحيح أنها كلمات كلها تتحدث عن الحب ولكن ليست موجهة لقتلة نيرة أشرف وسلمى بهجت وأماني الجزار.. فهم ليسوا إلا الوجه القبيح للغرور وحب الذات.