مقبرة طه حسين.. ومأساة السياحة المصرية!

شاهدت عرضا ساذجا لعدد من الأشخاص رجال وسيدات يرقصون في أحد شوارع كندا تقريبا، والهدف حملة لدعوة الكنديين لزيارة مصر، لا أعرف إلى متى نفكر بجهل في الترويج للسياحة؟ هل رقص الرجل بالعصا أو رقص الفنانة بالجلابية البلدى سيجذب السياح؟ فمنذ شهور قليلة صرح أحد المسئولين بأن مصر فقيرة ولا تملك مصادر تجعل منها دولة غنية، للأسف هذا كلام سطحى وساذج لا يمكن أن يقتنع به إنسان بالغ، السياحة هى المصدر الرئيسى لبعض الدول المتقدمة فى العالم، وهذه الدول لا تملك ربع ما تملكه مصر من آثار أو مقومات سياحة..

مثلا إسبانيا التى تعتمد على السياحة كمصدر أول للدخل، فى عام 2021 الذى يعد من أصعب المواسم السياحية استقبلت ما يقرب من 28 مليون سائح فى حين خلال السبع شهور من عام 2022 استقبلت 48 مليون سائح دفعوا 54 مليار يورو، وتركيا في عام 2021 وبسبب جائحة كورونا كان دخلها من السياحة 25 مليار دولار، والمتوقع بنهاية عام 2022 أن يصل إلى 35 مليار دولار، وفي خلال الشهور الخمسة الأخيرة كان نمو السياحة 207 %..

أما في مصر فأقصى عائد حققته السياحة كان 13 مليار دولار! وهو رقم قليل بالنسبة لما نملكه من مقومات السياحة، والذى يدهشنى أن يخرج علينا من يدافعون عن وزير السياحة والآثار السابق قائلين: كان شغال كويس وعمل حفل نقل المومياوات والمتحف الكبير، المعيار الحقيقى هو كم من السياح جذبتهم مصر؟ ونحن نتفوق على هذه الدول في كل مقومات السياحة، لدينا كما يقال ثلث أثار العالم، لدينا تنوع حضارى غير موجود في أى بلد في العالم من قدماء المصريين وحتى الآن، لدينا أفضل مناخ في العالم صيفا وشتاء.. 

ولكن الحكومة ترى أن شرم الشيخ وسياحة "البلبطة" تكفى، في حين مصر من أسوان إلى مرسى مطروح والوادى الجديد إلى كل بقعة في المحروسة فيها كنوز يمكن تدر المليارات، ولكن المسئولين مشغولين بالحفلات والتهانى والصور والافتتاحات الوهمية، هؤلاء المسئولين لا أدرى هل يعرفون إننا ليس لدينا فنادق كافية ولائقة لاستقبال السائح؟ هل لا يعرف المسئولين في بلدنا أن المناطق السياحية تدار بمنطق الإتاوة، وينتشر البلطجية في كل مكان مما يسبب الضيق للسائح.. 

استغلال السائحين

كذلك محاولات النصب على السائحين أصبحت أمرا طبيعىا من الجميع، كما أن مصر ليست أرخص من بلد مثل تركيا في الإقامة، ولا في نظافة وأمانة التعامل مع السائح، يضاف إلى هذا سوء الطرق وصعوبة التحرك بسهولة داخل المدن خاصة القاهرة، أعرف أن ما أكتبه لن يلقى إهتمام المسئولين المشغولين بإقامة الحفلات أو التكريمات.

الذى ذكرنى بهذا نجاح الحملة التى كنت أحد أفرادها بعدم هدم مقبرة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، والطريف أن المحافظة قامت بدهان السور الذى يحيط بالمقبرة مدعية بأنه لم يحدث أن المحافظة فكرت في هدم مقبرة طه حسين، وغاب عنها أننا نشرنا السور وعليه الكتابة وعلامة الإزالة، المشكلة إن الذين يقررون هذا لا يملكون الحد الأدنى من الثقافة أو الوعى بقيمة هذا الأمر..

فى ألمانيا كان الموسيقار العالمي بيتهوفن ينتقل من سكن إلى آخر، وكثيرا منها بيوت بسيطة، فأصبح كل مكان ذهب إليه بيتهوفن مزارا ، بل إن ألمانيا من أهم الهدايا التي تقدمها لضيوفها اسطوانة موسيقية لبيتهوفن، من هنا يجب على من يتخذ أى قرار أن يكون على درجة من الثقافة والوعى وكفى ما يحدث من هدم وقتل الخضرة في كل المحافظات، مما يؤكد الجهل الذى يسيطر على بعض المسئولين بخطة الدولة في تعميم الخضرة على كل شوارعنا.

مدرسة الفن والهندسة

التعديل الوزاري.. وطارق شوقى علامة استفهام كبيرة!

ومن ناحية أخرى نحن نملك متاحف لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، ومتحف الفن الحديث، ومتحف محمود مختار، متحف محمود سعيد، متحف محمد محمود خليل وحرمه، متحف أم كلثوم....الخ ولا أحد يعرف أين هى ولا أحد يذهب إليها من أبنائنا الطلبة في مختلف الصفوف الدراسية أو المواطنين بصفة عامة ولا السياح، بالرغم أن وضع هذه المتاحف على أجندة السياحة ستكون أكبر دعاية للإبداع المصرى، ولكن بعض المسئولين مشغولين بأى شىء باستثناء واجبهم تجاه مصر.