في محبة الخير وأهله
قد لا يتخيل أى منا سريان مادة حارقة داخل أوردته، تصهر روحه، وتضمر النيران فيما تبقى منها، فماذا يكون الحال إذا كانت تلك الروح تبلغ سنواتها الحقيقية على الورق خمسًا، وفي محنة هذا المرض سبعين أو تزيد. معضلة كبرى تواجهها أسر الأطفال مرضى الأورام من خارج محافظة القاهرة، حال احتياجهم للمبيت بالعاصمة لتلقي جرعات العلاج الكيميائي، سواء كان فى مستشفى 57357، أو أبو الريش، أو كن مريضات سرطان ثدي يتلقين جرعاتهن في مستشفى بهية.
وفي خضم تلك الدوامة من التعب النفسي والجسدي والاضطرار إلى السفر من وإلى القاهرة، لتلقي جرعات العلاج، بزغت إلى النور في عام 2006، فكرة جمعية حدائق جنة الحبيب المصطفى الخيرية، لاستضافة مرضى السرطان وأسرهم بالمجان، خلال فترة تواجدهم لتلقي الجرعات.
وشرفت أمس بحضور احتفالية أقامتها الدار فى مقرها بحي دار السلام، للترويح عن الصغار الذين يكوى الكيماوي عروقهم، وللمساعدة في التخفيف عن روح أب وكل أم ابتلاهم الله سبحانه وتعالى بهذا المرض القاسي فى قرة أعينهم، وبات لزاما عليهم خوض معركة العلاج الضروس بلا هوادة، دون راحة، إلا من أيادى اللطف والرحمة التى تحنو وترفق وتقدم العطاء، ابتغاء وجه الله وابتغاء مرضاته.
استضافة مرضى السرطان
تبلغ الطاقة الاستيعابية للدار ٤٨ سريرا، موزعة على عشرة شقق سكنية مؤسسة بالكامل بمستلزمات الإعاشة المجانية. وتتم عملية الاستضافة بالتنسيق مع مستشفى ٥٧٣٥٧ وبتحويل رسمي معتمد منها، بحالة المريض وعمره وكافة البيانات اللازمة عن المرافق له سواء كان أبا أو أم أو أحد الأقارب.
كما أن الجمعية مشهرة وتتم كافة أعمالها وتدار عمليات التبرع المادي والعيني لها، تحت إشراف ورقابة وزارة التضامن الاجتماعى، إذ لا تتقاضى الجمعية أى مقابل من الأطفال وأسرهم اعتمادا على تبرعات أيادي الخير، وبروتوكولات التعاون القائمة مع بعض المؤسسات الاجتماعية الكبرى مثل مصر الخير.
وجدت فى الدار، مشغلا صغيرا لخياطة مفروشات العرائس وفساتين الزفاف، يقوم على جهود وعمل أمهات المرضى نظير إعطائهن مقابلا ماديا مناسبا، بعد بيع منتجاتهن، يساعدهن على مواجهة تبعات هذا المرض اللعين ومصروفاته الباهظة.
وتتم أعمال الإستضافة داخل الدار على مدار ٢٤ ساعة، لم تنقطع يومًا واحدًا منذ التأسيس عام ٢٠٠٦، كما أن هناك لائحة صارمة للغاية تنظم عملية الاستضافة، من حيث الاعتناء بالنظافة، وترتيب عملية التسكين والقوة الاستيعابية لكل غرفة.
وتستوعب كل شقة سكنية داخل الدار ستة مرضى مع مرافق كل منهم، إضافة الى دورتي مياه ومطبخ ومبرد مياه لكل شقة، ويقوم على خدمة هؤلاء عدد مناسب من موظفي الخدمات والنظافة والطهى يبلغ عددهم ١٩، موزعين على نوبتجيات العمل نظير أجور متوسطة.
ليس من روى كمن رأى؛ ولذا أدعو رجال الأعمال ورواد العمل المجتمعى لزيارة تلك الدار ومعاينة أنشطتها الخيرية عن قرب، على سبيل التكاتف فى سبيل رفع لمحات الشقاء والتعب عن أطفال أدمى السرطان أجسادهم، وأرهق كاهل أسرهم.