السر في والده.. حكاية دكتور أمراض النساء مع طوابع بريد العالم | فيديو صور

حينما تدخل إلى شقته الكائنة بالطابق الثاني بإحدى عمارات منطقة المنيل الهادئة، تجد نفسك وكأنك عبرت من بوابة التاريخ ليس تاريخ مصر والوطن العربي فحسب، ولكن تاريخ العالم كله، فرائحة الماضي تتسلل بين أركان المنزل من فوق أرفف المكتبة الخشبية ومن فوق المكتب أو الأريكة، فمنزل الدكتور علي عبدالمجيد استشاري أمراض النساء وأخصائي الصحة العامة وهاوي جمع الطوابع منذ عشرات السنين، أصبح مكانا أمينا يحرس العشرات من مجموعات الطوابع من شرق العالم وغربه، تسرد أهم الأحداث التاريخية التي وقعت في هذه الدولة أو تلك من خلال "مجموعات الطوابع الخاصة بها".

أجرينا زيارة إلى هذا البيت الهادئ في أحد أحياء القاهرة العريقة، وبوجه بشوش استقبلنا هذا الرجل الذي عشق جمع الطوابع حتى جاب العالم شرقا وغربا بسبب طبيعة عمله كطبيب ونجح في أن يجمع الطوابع من كل دولة سافر إليها، انفتح أمامنا عالم نادرا ما تجد نفسك بين جنباته، مجلدات عدة تحمل ألوانا متباينة، في داخل كل منهم حكاية أمة خلدها أبنائها من خلال بعض الرسومات المنقوشة على هذا الطابع أو ذاك،:"الطوابع زمان كانت لها أهمية كبيرة لأنه الناس كانت وسيلة التواصل الوحيدة بينهم هي الخطابات وكانوا بيبادلوا بعض الطوابع على الخطابات دي".

كان الدكتور علي ضمن مئات الشباب في جيله الذين عشقوا جمع الطوابع وحفظها في الحافظات الخاصة بها، "الاهتمام بالطوابع بدأ معايا وأنا طفل صغير وحتى مرحلة الشباب، وخاصة إنه في جيلي كانت حاجة متداولة بين الشباب وبعضهم على اعتبار إنه كانت هواية الطوابع تحمل بهجة وسعادة للناس من خلال مجموعات الطوابع التي تأتيهم من دول مختلفة"، وبمرور السنوات نمت هذه الموهبة داخل علي وأصبح يقرأ الدوريات والمقالات والكتب التي تتعلق بالطوابع وجمعها وحفظها على مستوى العالم كله.

كان والده السبب الرئيسي في تعلقه بهذه الهواية، فرؤيته للأب وهو يجمع الطوابع ويحفظها ويرتبها وينظمها بطريقة معينة دفع علي لأن يخوض تلك التجربة، "وأنا في إعدادي بدأت اهتم بجمعها واعمل المجموعة بتاعتي ولكن مع الدراسة بعد دخول كلية الطب والدراسة كانت صعبة شوية بحيث إنه كل الوقت فيه اهتمام بالدراسة فأهملت أو الهواية نامت شوية، ولكن عدت إليها مرة ثانية" يتحدث الدكتور على عبدالمجيد عن المجموعة الأولى التي أسرتها فجمعها واحتفظ بها وكانت مجموعة دولة هولندا" افتكر إنه كان عندي مجموعة بسيطة من دولة هولندا وكنت مهتم بيها عشان كانت ملونة وكبيرة ولفتت نظري وكانت أول مجموعة اقتنيها كان عندي حوالي 15 سنة".
بعد عودته لهواية جمع الطوابع مرة أخرى في بداية الألفينات، عاد اهتمامه بصورة أعمق وأكثر نضجا، فلم يعد يجذبه لون الطابع أو رسومه بقدر ما كان يبحث عن التاريخ الذي يرويه هذا الطابع أو ذاك، كانت المجموعة المصرية الأولى التي أصدرت في العام 1866 هي أكثر الطوابع جذبا له، "أنا بحب كثير من المجموعات المصرية في الفترة القديمة بنسميها نحن هواة جمع الطوابع اسم المجموعات الثانية والثالثة التي كان بها رسمة الهرم وأبو الهول"، وبالتزامن مع هذه الفترة اشترك في مكتب خدمة الطواب تبع البريد المصرية.

الطوابع مثل كتب التاريخ

لا يعد نشاط جمع الطوابع بالنسبة لطبيب أمراض النساء مجرد هواية وتمضية لوقتت الفراغ فحسب، فهذا النشاط الذي يقرأ عنها الكثير من الكتب والمجلدات وعلى مر السنوات تشعره بسعادة وبهجة لم يجدها في أية هواية أخرى،  بشعر بالبهجة والسعادة طبعا وأنا بجمعها أنا بجمع طوابع مثلا عن الشخصيات الهامة التي أثرت في التاريخ المصري وظهروا على الطوابع المصرية فهذا له بعد تاريخي وسياسي وثقافي وفني لأني بقعد أدور امتى ظهرت وليه والشخص ده عمل إيه"، لذا فبالنسبة لعلي وكل من يهوى جمع الطوابع  الطوابع تؤرخ للأحداث المهمة تعمل عمل كتب التاريخ والجغرافيا والقصص والروايات "في الآخر كل طابع وراه قصة" مهمة علي ومن يهوى جمع تلك المطبوعات الورقية الصغيرة جمع خيوط تلك الحكايات.

طابع من كل دولة

طبيعة علم الدكتور على عبدالمجيد كأخصائي صحة عامة إلى جانب عمله كاستشاري لأمراض النساء، كانت تدفعه للسفر إلى عدة دول من وقت لآخر، وبالرغم من انشغاله بعمله إلا أن ذلك لم يمنعه من استكمال مسيرة جمع الطوابع في كل دولة يقبل على زيارتها،:" أنا اشتغلت في بلاد كثيرة في العالم كنت بسافر دول كثيرة، وكنت كل ما اروح أي دولة ادور على التاريخ بتاعهم والجمعيات المهتم بهواية الطوابع، وعلى سبيل المثال رحت اشتغلت في مشروع رعاية الأم والطفل في اليمن في صنعاء من عام 2007 حتى 2009 وفي الفترة دي جمعت مجموعة رائعة من الطوابع الخاصة بدولة اليمن وكذلك في سوريا وفلسطين".

الجمعية المصرية لهواة جمع الطوابع

لم يقتصر اهتمام الدكتور علي فقط على جمع الطوابع وحفظها في المجلدات بمكتبة المنزل، ولكنه ومنذ عام 2009 انضم إلى عدد من الجمعيات المهتمة بجمع الطوابع وعلى رأسها الجمعية المصرية لهواة جمع الطوابع من عام، وكذلك الجمعية الأمريكية لهواة الطوابع وكان ذلك في نفس العام.

الجمعية المصرية لهواة جمع الطوابع بوسط القاهرة

يحرص الدكتور علي مع العشرات من محبي وهواة جمع الطوابع على التواجد في كل يوم سبت من كل أسبوع داخل مقر الجمعية المصرية لهواة جمع الطوابع التي تأسست في العام 1929 ومقرها الدائم بشارع عبدالخالق ثروت بوسط القاهرة، يصطف الأعضاء بجوار بعضهم يتناقشون في كل جديد يتعلق بجمع الطوابع والمجموعات الجديدة التي حصل عليها كل منهم ورحلة البحث عن المجموعة وأهم ما يميزها، فيكون الدكتور علي ضمن حلقة النقاش تلك.

يقول الدكتور شريف سمرة رئيس مجلس إدارة الجميع المصرية لهواة جمع الطوابع:"الجمعية المصرية لهواة جمع الطوابع تأسست عام 1929 عدى عليها أكثر من 95 سنة، مقرها دائما في وسط البلد، لها نشاط في المعارض الدولية والمحلية، نأخذ مجموعات للأعضاء ونعرضها في داخل مصر وخارجها، لسه راجعين من معرض دولي في أندونيسيا سافرنا ومعنا 5 إلى 6  مجموعات لعارضين مصريين سافروا واتحكموا وأخذوا جوائز ورجعنا، وعندنا معرض آخر في أكتوبرالمقبل أيضا".