بئر النحاس في الفيوم.. حكايات المارد الذي يبتلع الشجر والبشر | صور
تقاس ثقافات الشعوب من موروثها الشعبي الذي يعد جزءًا أصيلًا من شخصية الشعوب، ويعتبر الادب الشعبي اهم مكونات الشخصية لدى سكان محافظات صعيد مصر، والقصص والحكايات الشعبية التي شكلت وجدان أهل الصعيد، أتت من تاريخ ممتد علي طول الآلاف من السنين، وصنعته ملاحم ومغامرات مر بها أهل الصعيد طوال تاريخهم منذ الحضارة الفرعونية وحتي العصر الحديث.
وكان لانتشار الآثار الفرعونية بين ربوع قرى ومدن الصعيد الدور الأكبر في أن يكون للحكايات الشعبية تأثيرها في حياة المواطن البسيط الذي تربي على روايات الأجداد وبطولاتهم، منها ماهو حقيقي كغزوات وفتوحات الفراعنة التي امتدت من شمال أفريقيا إلي جنوبها بحثا التجارة، ومنها ما اختلط فيه الحقيقة مع الخيال كحكاوي الهلالية، الذين انتشرت سيرتهم في كل ربوع مصر، ومن حكايات الخيال المنتشرة بين أهالي جنوب الفيوم خاصة قري اللاهوت وهوارة وعدلان ودمشقين والعزب التابعة لهم، وبعض قري بني سويف المجاورة، منشأة هديب وغيط البخاري، وطما ومنيل غيضان ومعسرة نعسان وتوابعهم، حكايات بئر النحاس التي تشبه الي حد كبير ما نسجه البشر عن حكايات مثلث برمودا.
خرافات بئر النحاس
خرافة قديمة عاشت عليها قرى جنوب الفيوم، وبعض قري مركزي ناصر وإهناسيا التابعين لمحافظة بني سويف، وبالتحديد عند مدخل بحر يوسف بعد قناطر اللاهون.. تقع منطقة بئر النحاس التي قيل عنها إنها تخفي الطير في السماء وتأكل الشجر والبشر، وهي محققة الآمال إذا قصدتها بأمنياتك لكن من على شاطئ بحر يوسف، لأن من يقترب من بئر النحاس سيبتلعه حيا، وليس له شفيع.
كان أهالي القرية سالفة الذكر بخيفون أبنائهم بحكايات خرافية عن بئر النحاس، الذي يبتلع الاطفال، أن ضل سعيهم وساقتهم أرجلهم الي نزول مياه بحر يوسف أمام هاويس اللاهون، منطقة بئر النحاس، أو كما يطلق عليها العامة بورة النحاس.
وقال أحمد عبدالوهاب، أحد الأهالي:" عشنا رعبا في الصغر من حواديت بصورة النحاس، ثم عرفنا أنها مكان لا وجود له إلا في عقول أجدادنا الذين كانوا يحكون عنها أساطير، فمثلا قالوا عنها إنها تخفي الطير في السماء إذا مر فوقها، وتختفي فيها مراكب الصيد إن حاولت عبورها والويل كل الويل لأي إنسان يحاول الاستحمام بجوارها حيث تصهر جسده حتى تختلط العظام باللحم.
تكوين الدوامة
ويشار الي إن مياه قناطر بحر يوسف الأثرية أنشأت دورانا في المياه خلفها فتخيل الأجداد أنها بئر عميقة، تسكن قاعه الشياطين ويفعلون بالإنسان الأفاعيل إذا حاول الاقتراب من مقر سكنهم، وكانت وما زالت "بورة النحاس " مصدر رعب للأطفال في القري سالفة الذكر ومضرب مثل للشيء الذي يفقد ولا أمل في رجوعه فيقول عنها العامة "راح في بورة النحاس ".
اصل المسمي
ويؤكد إن أصل هذه التسمية جاء من خرافة قديمة لعجائز القرية تقول إن أحد مبيضي النحاس وكان يقيم بجوار ضريح الشيخ على الطيب حاول أن يغسل الأواني النحاسية بعد طلائها في بحر يوسف وكان لا يعرف أن في هذا المكان تسكن الجن والشياطين فأزعجهم بضوضاء الأواني فخطفوه وصهروه ومنذ هذا التاريخ أطلق عليها بورة النحاس.
رأي الري
أما وليد احمد مهندس الري فيقول: إن ما يقال عن أن بئر النحاس سكن للجن والشياطين هي مجرد خرافات في عقول أهل القرية أما بئر النحاس فلا وجود لها في الأصل لأن المياه تنحسر عن هذه المنطقة خلال السدة الشتوية حتى قاع البحر فلا وجود لآبار بهذه المنطقة التي تم إعادة حفرها من جديد بعد تحويل المجرى المائي من القناطر القديمة إلى الجديدة مكان هويس اللاهون.