فنكوش الإخوان.. الأسباب الحقيقية لإعلان إبراهيم منير الهروب من دائرة الصراع على السلطة
قبل أسبوع خرج إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد في جماعة الإخوان، يقدم حزمة تنازلات جديدة غير مسبوقة لحسم صراعه مع الدولة المصرية، إذ أكد أن الجماعة لن تخوض صراعًا جديدًا على السلطة في مصر، سواء الآن أو في المستقبل بأي صورة من الصور.
تصريحات منير أحدثت ضجة كبرى على مواقع التواصل وبين الخبراء والمهتمين بالملف، الذين يعرفون جيدًا أن الرجل لا يمكنه تحقيق إجماع على مثل هذا الموقف بين قيادات الجماعة سواء داخل جبهته في التنظيم الدولي معقل نفوذه التاريخي، أو الجبهة الآخرى المعادية له والتي قررت طرده من الجماعة بقيادة محمود حسين الأمين العام السابق، الذي يتخذ من الصراعات الصفرية مع الدولة المصرية عنوانا له لحشد التمويل والأتباع.
وبالتالي لم تعد الجماعة الكيان المتماسك القديم الذي تديره قيادة حديدية من أعلى، بخلاف أن ثمن الصدام مع التنظيم كلف الدولة دماء كثيرة وميزانية تقدر بالمليارات، وليس سهلا في عهد الحكم الحالي قلب الصفحة بهذه السهولة وتجاهل مشاعر زملاء وأهالي الضباط والجنود الذين فقدوا أرواحهم خلال الصدام مع الجماعة وأنصارها من التيارات المتطرفة والإرهابية.
على جانب آخر، هناك من يشكك أصلا في حقيقة موقف إبراهيم منير بالتنازل عن السلطة، إذ يُعرف عن قيادات الجماعة امتلاكهم خبرات متراكمة منذ نشأة التنظيم عن كيفية التلون مع الأحداث واستخدام كلمات تحمل ألف معنى في آن واحد.
كما لديهم خبرة ضخمة أيضا في تصدير خطاب يحمل مضمونا متعاليا ومتغطرسا عندما تكون الجماعة في موقف قوة، وخطاب مستكين وانهزامي يثير الشفقة والتعاطف عندما تصبح في موقف ضعف حسب ما يقول سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية.
يوضح عيد أنه لم يعرف من قبل عن قيادات الجماعة استخدام مصطلحات قاطعة تؤكد عدم المنافسة على السلطة مرة أخرى بأي صورة من الصور كما حدث مع إبراهيم منير الآن الذي يمثل الجهة الشرعية في الجماعة المتنازع على قيادتها منذ سنوات.
واختتم حديثه قائلا: لكن مهما كانت تصريحاته لا يمكن اعتبارها موقف الجماعة وقواعدها وأذرع التنظيم في العالم.
انشقاق في التنظيم الدولي
وما يؤكد صحة السطور السابقة اشتعال الخلافات سريعا داخل كيان الجماعة، إذ سارعت الجبهات المختلفة حسب موقفها من منير بالهجوم أو التأييد، لكن كان لافتا أن التنظيم الدولي نفسه ـ مركز قوة منيرـ اشتعل داخله حالة من الغضب للتأكيد على أن تصريحات القائم بأعمال المرشد تنقل موقفه الشخصي ولا تتخذ طابعا مؤسسيا.
على رأس القادة الكبار الذين رفضوا موقف إبراهيم منير بالتنازل عن المنافسة على السلطة «عزام التميمي» أبرز أعضاء التنظيم الدولي وأحد أهم مموليه.
واعتبر التميمي أن الجماعة أقصيت عن الحكم بالقوة ولم تفشل، وأضاف التميمي الذي يبدو وكأنه يشعر بجرح كبير في الذات الإخوانية: "ينبغي أن يترك المستقبل لأهله ولظروفه، ولا يجوز بحال تقييد مستقبل الأجيال القادمة بواقع اليوم".
ورفض التميمي ما أسماه التنازلات دون مقابل على الإطلاق، وهو نفس موقف الجبهة الأخرى المعادية لإبراهيم منير داخل التنظيم التي يقف على رأسها محمود حسين الأمين العام السابق، الذي فضل ترك التعليق وتصدير موقفه إلى القيادات الشابة في جبهة والتي شنت هجوما شرسًا على منير، واستغلت موقفه لتبرير موقفهم المعادي للقائم بأعمال المرشد وإصدار قرار بطرده من التنظيم.
الإسلام السياسي انتهى
لعبة الإخوان الشيطانية المعروفة والمكررة هى المطالبة بالدعوة عندما يضعفوا والصراع على السلطة عندما تقوى شوكتهم. مجرد ثعبان يغير جلده، يقول مجدي خليل الكاتب والباحث: إن تيارات الإسلام السياسى عموما مثل الثعبان فى الأسطورة اليونانية متعدد الرءوس، عندما تقطع له رأسا يظهر رأس آخر فى الحال، موضحا أن طبيعة الإسلام السياسى منذ بداية الإسلام ادعاء التسامح فى حالة الضعف ثم إدارة التوحش عندما يملكون القوة.
على جانب آخر، يرصد الباحث والإعلامي المتخصص في شئون الجماعة لؤي الخطيب سر مفردات منير المختلفة كليا، موضحا أنه خلف التصريحات حرب طاحنة بين جناح إبراهيم منير في لندن، وجناح محمود حسين في إسطنبول.
وأضاف الخطيب: الحرب مازالت مستمرة على الأموال والنفوذ والفضائيات منذ وقت القبض على محمود عزت في القاهرة عام ٢٠٢٠، مردفا: الصراع وصل لدرجة انقسام الجماعة، وكل طرف عزل الطرف التاني واعتبره غيره لا علاقة به بالإخوان.
وأوضح الإعلامي المتخصص في شئون الجماعة، أن إبراهيم منير طوال الفترة الماضية، وهو يلعب للسيطرة الكاملة والاستئثار بالجماعة على حساب التنظيم الحديدي الذي يرأسه محمود حسين وحتى على حساب قيادات السجون.
ويوضح الخطيب أن منير يقدم هذه الإغراءات على أمل الدعوة للحوار الوطني هو وجبهته في مصر حتى يحقق مكسبا ضخما جدا ويوسع المسافة بينه وبين محمود حسين، واختتم: تبقى المحاولات مستمرة منذ وقت الدعوة للحوار الوطني، لاسيما أن الصدمة الكبرى التي باغتت التنظيم عندما استثنى الرئيس السيسي الإخوان دون غيرهم من الحوار الوطني بما أفقدهم اللعب على المستقبل، على حد قوله.
نقلًا عن العدد الورقي…،