استعلاء الحكومة على أصحاب الحق
وأنت تطالع تصريحات السادة المسئولين إن كانوا فعلا مسئولين، فلن تجد لنفسك مبررا للحياة من الأساس، فالحكومة تمن عليك في رغيف الخبز وسعر الكهرباء وسعر الغاز و.. قائمة طويلة من المن الرخيص. والطريف أن هذا المن يوحى للعامة والخاصة أيضا أن هناك طرفين في الدولة.. هناك مسئولون يمنون ومواطنون يتلقون هذا المن ويجب عليهم أن يخضعوا ويشكروا قائمة "الجمايل" التي لا تنتهي.
ودون أن نسأل ولا هم يسألون عن مصدر هذا المن، وما إذا كان هذا الشعب هو طرف ملكية في الدولة أو أنه الطرف الأصيل فيما تتصرف فيه الحكومة من عدمه يظل هناك من يمن ومن يُمن عليه.
لغة الاستعلاء رخيصة ومعيبة ولا يجوز لحكومة هي في الأساس قائمة وفق عقد بالخدمة بمعنى أنها إن أجادت الخدمة.. خدمة الناس فلتبقى وإن لم تقم بواجبها حق على الشعب تغييرها.
وأصل الحكاية أن الحكومات المتعاقبة هي التي فشلت في إدارة أصول الدولة وهي التي أغرقت الشعب في مستنقع الديون وهى التي لم يحاسبها أحد على بعض مشروعاتها ولا على إخفاقاتها وبالتالي فإن هذا الشعب هو صاحب الحق الأصيل فيما تملكه الدولة. لا مَن ولا استعلاء في علاقة الحكومات بشعوبها واستخدام هذا الأسلوب الرخيص هو نوع من القفز على النظريات التي قامت بموجبها فكرة الدولة وفكرة المواطنة.
لا ضرر أن تعترف الحكومة كما اعترف وزير ماليتها بأنهم فهموا أخيرا أن الاعتماد على الأموال الساخنة كان خطيئة كبرى وأن ما نحياه الآن هو نتاج طبيعى للانفراد بالقرارات المصيرية ولا يزال الأمر على ما هو عليه.
من فشل يجب أن يرتاح أو أن ينزاح ليحل محله آخرون لديهم من الخبرة والعلم ما يجعلنا قادرين على الخروج من دوامة العوز والحاجة والفقر الذي خيم على معظم البيوت. إن هذا الشعب هو الذي منّ على الحكومات المتعاقبة بأن ترك لها الحبل على الغارب ثقة منه وكرما منه وصبرا منه ويقينا منه على غير هدى أو علم بما يمكن أن تؤول إليه الأمور.
من العيب أن يكرر رئيس الوزراء مثل هذه اللهجة وتلك العبارات التي تحط من قدر الشعب وقدراته وكرامته وصبره وتحمله مسلسل الفشل المتواصل فلا يجب أن يكون جزاؤه الإهانة.