ضحايا الغدر الصهيوني
ليست القضية في ثمانين أسرة مصرية تنتظر رفات أبنائها الذين قضوا غدرا في الأرض المحتلة ضمن وقائع هزيمة ٦٧ التي لا تزال أسرارها تحت التراب، القصة في شعب وطن يعرف قدر أبطاله وأبنائه الذين ضحوا بأنفسهم من أجل البلد.. شعب بأكمله ينتظر ما ستسفر عنه تحقيقات الكيان المحتل حول تفاصيل الجريمة النكراء، عودة رفات أبنائنا واحدة من المهام المقدسة التي تفرض نفسها على حكومة مدبولي ولا يجوز الانتظار كثيرا بعد أن أعلنت صحافة العدو عن تفاصيل يندى لها الجبين.
الوقائع المسجلة صوت وصورة ضمن شهود الواقعة تشى بأننا أمام جريمة لا تسقط بالتقادم وأمام واقعة تؤكد أن اتفاقيات السلام لا تعني التفريط؛ فمصر لم تفرط في شبر من أراضيها ولن تفرط في حق هؤلاء الشهداء.
ما نشرته صحافة الكيان الصهيوني مؤلم بعد أن تركنا أبناءنا بخرائط قديمة لأرض المعركة فما كان من العدو إلا أن أحرق الأرض ومن عليها.. أحرق أبناءنا أحياء ودفنهم بطريقة وحشية.
حرق الأسرى
أحد الشهود قال إن واحدا ممن شهد واقعة الحرق والدفن قلب في الجثامين بحثا عن غال يسرقه فلم يجد إلا ساعة أخذها بعنف من يد أحد شهدائنا واحتفظ بها. وعندما جمعوا الجثث بعد حرق بعضها وقتل الباقي وهم أسرى سرقوا كل متعلقاتهم وأغراضهم الشخصية وهوياتهم حتى لا يتركوا تفصيلة تحيط بمن دفنوهم.
زرعوا على المقبرة الجماعية بعض أشجار اللوز وفي فترة تالية أقاموا عليها مشروعا سياحيا لا تنتهي به الاحتفالات ولا الزيارات على مدار السنين، أما عن تفاصيل الحرق والدفن فإننا نقف أمام عدو لا تحكمه قوانين ولا ضمائر بشرية، وأمام وقائع لا يمكن لبشر أن يرتكبها حتى في أوقات الحرب.
على الجانب الآخر كان الموقف الإنساني المصري العظيم من أسرى الكيان المحتل يعبر عن عمق حضاري وإنسانى يقف الإنسان أمامه عاجزا عن فهم الروح التي تحلى بها جيشنا وقت الانتصار، تحكى بعض القصاصات موقفا لضابط مسئول عن واحد من معسكرات أسرى المحتل في مصر.. كان الضابط قد فقد شقيقه في حرب ٦٧ وكانت حرب أكتوبر المجيدة طريقه للانتقام.
جاء تكليف الضابط ليكون مشرفا على معسكر الأسرى فوجد أسيرا مصابا.. أشرف على علاجه وعلم من المعلومات التي وردت إليه من المخابرات الحربية أن عيد ميلاد زوجته هذا الأسبوع، أهداه وردا في عيد ميلاد زوجته وعندما علم الأسير بذلك أصر على مقابلة الضابط وقال له: أنا يهودى ألمانى وقد جاءوا بنا إلى هنا تحت أوهام ومزاعم أدركت كذبها الآن.. عندما أعود لن أبقى داخل الأرض الفلسطينية.. سأعود إلى بلدي ألمانيا.
الصور الحضارية التي التقطت لأسرى الكيان المحتل عندما أمر الرئيس الراحل أنور السادات بتوزيع بيجامات من كستور المحلة عليهم كان لها صدى عالميا وظهر للعالم بوضوح كيف هي مصر أرض الحضارة والإنسانية، قصص أسرى المحتل في بلادنا توضح الفارق بين بلاد قامت على الغصب والاحتلال والتهجير والقتل والحرق وبين أوطان قامت على البناء والنور والإنسانية والرقي.
وخلاصة القول: عايزين ولادنا.. نعم إننا أمام معركة نثق في قدراتنا على تحقيق الغاية منها فلا هوادة فيها حتى تعود الرفات إلى أرض الوطن حتى لو كانت مدفونة في أرض فلسطين المحتلة، ترابنا أولى برفاتنا، وشعبنا ينتظر جنازة مهيبة تليق بثمانين جنديا مصريا راحوا ضحية العنصرية وتركوا هناك بلا دعم فكان مصيرهم الاستشهاد غدرا وعدوانا.. المجد للشهداء وتحيا مصر.