مَن وراء العنف في مصر؟! (1)
الكل يتفرج ولا أحد يتحرك.. وفى أحسن الأحوال البعض يشجب ويدين والبعض الآخر يشجب من يشجب ويدين من يدين.. أقصد تفشى العنف والقسوة في المجتمع المصرى الذى تجاوز الظاهرة ويصل إلى الكارثة الكبرى، وإذا لم نتحرك جميعا الآن وفورا سنكون جميعا في خطر داهم وكارثة تؤدى إلى ما تفشل فيه القنابل والصواريخ والحروب النظامية.
ولأننى من أنصار نظرية المؤامرة أقف في خندق من يرى أن كل ما يحدث في الدول النامية عامة وبلادنا على وجه الخصوص مقصود، ومخطط له بعناية ودقة ضمن سيناريوهات متعددة وخطط بديلة حتى يحدث الانهيار من الداخل ليسهل التحكم بسهولة والسيطرة على موارد العالم الثالث، ويتحقق الهدف بالوصول إلى عدد السكان في العالم إلى مليار نسمة، كلهم من العالم المتقدم بعد أن أصبحنا من وجهة نظرهم عالة عليهم لا نستحق الحياة لذلك يسعون للقضاء علينا بالأوبئة والأمراض، والعنف والحروب الأهلية والنزاعات الطائفية والأزمات الاقتصادية والسياسية حتى تشتعل الثورات لتأكل النيران نفسها.
ومن الدولى والإقليمى إلى المحلى المصرى أبدأ: فقد أصبح الكلام عن شخصية المصرى الوديعة والودودة والتي تحملت الكثير عبر العصور كلاما متحفيا، وأصبحت شخصية المصرى المتدينة بطبعه تثير الكثير من الأسئلة حولها الآن: فماذا حدث ليزلزل كيان الشخصية المصرية التي تكونت عبر العديد من الحضارات والثقافات إلى الحد الذى ينذر بكارثة واذا قللنا من هذا اللفظ نكون كمن يدفن رأسه في الرمال؟
عنف وقسوة
والغريبة إننا نعيش حقبة أصبح لفظ أزمة من الألفاظ شائعة الإستخدام على جميع المستويات الفردية والأسرية والاجتماعية والإقليمية والدولية.. نعم تنوعت الأزمات والنتائج وكلها تصب في خانة العنف الذى يصل إلى الحروب بين الدول وقد تنذر بعضها إذا فلت الزمام إلى فناء العالم، أو الأزمات الفردية والأسرية التي تنذر بالانهيار المجتمعى القيمى وتصل إلى حد إعدام شخص ارتكب جريمة ما كانت تحدث من قبل مثل قتل الابن لأبيه أو قتل الأم لابنها أو قتل الزوج لزوجته أو العكس أو قتل من أجل ثلاثة جنيهات أو إعدام قيم انسانية توارثناها عبر الأجيال كانت تشكل ملمحا في شخصيتنا.. مثل الحب الذى يضحى فيه الحبيب من أجل حبيبه فنصل إلى قتل الحبيبة أو عنف تفشى في الشارع وإنتقل من اللفظي إلى الجسدي، ومن تحرش إلى زنا محارم ومن مخدرات إلى كل ما يذهب العقل.. الخ
فما هى الأسباب التي جعلت العنف هو المسيطر على السلوك؟ في البداية تعالوا نسأل ماذا جرى في الشخصية المصرية؟ لابد من دراسة الأسباب الحقيقية الظاهرة أو الخفية التي تقف وراء إنتشار لغة العنف التي تبدأ باللفظ والقول إلى إستخدام السنجة والمسدس ولا يكتفى الأمر إلى هذا الحد وهو شنيع لكن إلى حد تقطيع أوصال الضحية أو إذابه جسدها في ماء النار! ما هذه القسوة الغريبة والتشفى في القتيل بعد مقتله.
الغريبة أننا ومن حولنا من الشعوب والمجتمعات، مصرية وعربية ودولية أصبحنا غارقين في أزمات تتنوع وتتدرج بين السياسية والاقتصادية.. وأصبحت كلمة أزمة من مفرداتنا اليومية.. من أزمة السينما والمسرح حتى البطالة والتحرش الجنسي.. الخ، تشعر أنك غارق في الأزمات.. تتنفسها وتتنفسك.. تتغذى بنا وتتغذى علينا.
ومخطئ من يرى أن الأزمة الاقتصادية هي السبب الوحيد.. فكم من الجرائم يرتكبها الأثرياء.. ومن قال إن الأسرة المصرية كانت غنية عبر العصور أثناء سيادة القيم الاخلاقية وكانت الجريمة نادرة إلا لأصحاب الإرادة الاجرامية من بدء الخليقة.
ومخطئ من يقول أن الجهل وراء العنف والجريمة، الأن المتعلمون وأصحاب المراكز المرموقة يشكلون جانبا من الظاهرة، ومخطئ من يرى أن الأسرة هي السبب الوحيد بعد إنعدام أو ضعف الرقابة على الأبناء في ظل هيمنة الانترنت والفضائيات وأفلام العنف بدء من الألعاب الالكترونية وفي ظل انشغال الأب والأم بلقمة العيش حتى يوفران الحد الأدنى لطلبات الأبناء، فلم يعد هناك الوقت مثلما كان..
ومخطئ من يرى أن المدرسة هي السبب الوحيد، فلم تعد مكانا للتربية والسلوك بعد أن فقد المدرس هيبته بعد أن مد يده للدروس الخصوصية فضلا عن الأسباب العديدة الأخرى، ومخطئ من يرى أن ضعف تأثير المسجد والكنيسة وضعف الواعز الدينى هما السبب الوحيد فقد قل عدد المترددين عليهما بالاضافة لفقدان رجال الدين أيضا لما كانوا يتمتعون به في الماضى من توقير وإحترام وهيبة مع انتشار كل من يسخر منهم ويشكك في المعتقد الدينى ذاته.
ومخطئ من يرى أن هذا أو ذاك هو السبب الوحيد.. لكن دعونا نعترف بالكارثة التي تتطلب منا مواجهتها باعتبارها أولوية من أولويات الأمن القومى وعلينا مواجهتها بخطة حرب وحكومة حرب توظف فيها كل إمكانيات الدولة لمواجهة هذا الخطر الداخلى الذى يفوق العدو الخارجي.. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
yousrielsaid@yahoo.com