الشيخ طه والتعصب.. والأهلي فوق الجميع!
ما يحدث من تعصب رياضي في مصر ربما لا نجد له مثيلا في العالم؟ هذا لا يعنى أن التعصب غير موجود في العالم ولكن التعصب في بلدنا له جذور بفعل فاعل ويتم رعايته حتى ترسخ في الوجدان المصرى، ليست هذه هى المرة الأولى التى اكتب عنه، فقد رأيت فيديو للشيخ الدكتور طه اسماعيل نجم منتخب مصر والأهلي السابق جعلنى لا أندهش من حالة التعصب الأعمى لدى الكثير من الاهلاوية، والسبب لأن القائل هو الشيخ طه اسماعيل النجم الذى شاهدته في الستينات وأطلق عليه لقب الشيخ لأخلاقه النبيلة في الملعب، ونحن جيل عشقنا الرياضة عامة وكرة القدم خاصة بروح المتعة والحب في الستينات، فماذا قال؟
أثناء عمله في النادى الأهلي وجد ناشئا عمره حوالى 12 سنة يبكى، فسأله عن سبب البكاء، قال الناشىء: إحنا خسرنا ماتش النهاردة واحنا الأهلي المفروض ما نخسرش! الشيخ طه اسماعيل الرجل الحاصل على الدكتوراه في التربية الرياضية، وتولى فرقا ومنتخبات منها منتخب مصر، قال: إنه كان سعيد بكلام هذا الناشىء، وأن هذا هو الأهلي!
لا أصدق أن هذه عقلية من كان نجما في الملاعب لاعبا ومدربا، لا يوجد في الرياضة أن هناك فريقا لا يخسر، مهما كانت قدرات هذا الفريق، الرياضة قائمة على المتعة والفوز وعدم الفوز أمر طبيعى، إن تحقق الفوز أمر عادى وعدم تحقيقك للفوز أيضا أمر عادى، من هنا بدأت بذور التعصب، المشجع الذى لا يقبل الهزيمة لإنها غير واردة في الحسبان، من هنا يكون رد الفعل عنيفا رافضا الهزيمة.
الناقد الراحل عبدالمجيد نعمان الذى بدأ النقد الرياضى في منتصف الخمسينات وأصبح أحد شيوخ المهنة، كان لا يقبل أى زمالكاوى الالتحاق بالقسم الرياضى بجريدة الأخبار، وكان هناك من يدعى إنه أهلاوى حتى يتم الموافقة عليه، أمر آخر إذا فاز الأهلي فيكون عادة المانشيت الأهلي يهزم كذا، وأما في حالة هزيمة الأهلي، ممنوع أن يكون المناشيت مذكور هزيمة الأهلي، وكأن الهزيمة لأى فريق باستثناء الأهلي..
تعصب رياضي
ومع بداية صدور المجلات الرياضية للأندية رفع درجة التعصب، وأذكر في هذا المجال عبدالرحمن فهمى الذى كان أول من تولى رئاسة تحرير مجلة الأهلي، وكانت فترة ولايته سيئة، فمثلا لا أستطيع أن أتخيل سببا في حربه على الزمالك، قبل مباراة الزمالك مع الأهلي كان مانشيت المجلة زواج فاروق جعفر، وفي الداخل قصة زواج وطلاق فاروق جعفر وقدمها وكأنها جريمة، ورسم رمسيس فنان الكاريكاتير المتعصب في المجلة رسوما سخيفة، ولا أحد يعرف ما هى علاقة الخبر بالمباراة ولا بكرة القدم، ورد عليه إسماعيل يونس رئيس تحرير مجلة الزمالك: فاروق جعفر تزوج وطلق ولم يرتكب جريمة!
ثم اتجه الأهلي إلى إسناد رئاسة المجلة إلى نجيب المستكاوى وكان يعاونه ابراهيم حجازى وعصام عبدالمنعم وعباس لبيب، أى كل القسم الرياضى للأهرام، فأصبح الأهرام بوقا للأهلى، والأخبار هى كذلك في ظل وجود عبدالمجيد نعمان -الذى تولى رئاسة تحرير مجلة الأهلي بعد نجيب المستكاوى-، وهما القوتين في الصحافة، وبهذا سارت الصحافة تحت عباءة الأهلي لا يخسر، الأهلي فريق بطولات، الأهلي فوق الجميع، حتى جريدة الجمهورية التى كان يرأس القسم الرياضى الزمالكاوى ناصف سليم كان ضد الزمالك لمشاكل له مع إدارة النادى..
هذه جذور لما يحدث الآن والتى تركت شروخا عميقة بين الجماهير، لدرجة أن الأهلي أصبح ممنوعا من الذهاب إلى بورسعيد والاسماعيلية وأحيانا المحلة، وهذه أمور غريبة لا يمكن أن تجدها في أى دولة في العالم، إعلام يصدر للجماهير أن الأهلي لابد أن يكسب أى بطولة يشترك فيها، الهزيمة ممنوعة سواء بالحق أو بالباطل، وبالتدريج أصبح الحكام جزء من الفساد الذى تسرب في كل شىء مرتبط بمنظومة الكرة..
ومن عجب أن تشاهد ما يسمى بستديوهات التحليل إنها غير محايدة وتبث التعصب، عندما يخسر الأهلي يكون كل الحديث عن الأهلي وكيف يتجاوز الهزيمة أما الفريق الفائز له الله، عندما يقود الإعلام ناس مشكوك في نزاهتهم مثل شوبير وشلبى وصبيانهم فماذا ننتظر؟ جميعهم متعصبين للأهلى ويقللون من المنافسيين فماذا تنتظر؟ ماذا تنتظر من الجمهور الذى يتلقى من الشيخ طه إسماعيل ورفاقه وهم يتحدثون كاهلاوية متعصبين؟
ماذا تنتظر والشيخ طه يقول إحنا النهاردة ينقصنا كذا وكذا وينسى تماما أنه في قناة حكومية والمطلوب منه الحياد! لو قال هذا في قناة الأهلي فهو أمر عادى ومقبول، الشيخ طه اسماعيل نموذج فقط لان غيره أسوأ كثيرا، وأيضا تسلل التعصب والفساد في الاتحادات، أذكر أن مدرب لأهلي ابراهيم فخرالدين في مباراة مع الزمالك وكان هناك عقوبة ستفرض عليه، فاذا بالخطيب عضو مجلس الإدارة وقتها يتواصل بطارق عبدالحكم العضو باتحاد الطائرة ويطالبه بعدم عقابه، وأن الأهلي سيعاقبه في نهاية الموسم، ويحدث ولا يتم عقاب المخطىء..
وقد إعترف أحمد شوبير بأن محمود الخطيب طلب منه عدم إصدار قرار من اتحاد الكرة في قضية هانى سعيد وأحمد شوبير عضو الاتحاد قال: أوراق الزمالك سليمة تماما ولا نستطيع عدم إصدار قرار! وفي نفس القضية قال الكابتن على أبوجريشة أن عدلى القيعى طلب منه شراء هانى سعيد، فابلغه أن الاسماعيلى حصل على ثمنه من الزمالك، وتسلم الزمالك الاستغناء، يقول ابوجريشة: فوجئت بالكابتن عدلى القيعي يقول خد الفلوس وإحنا هنتصرف! لا تعليق؟
أليس ملفتا للنظر أن يكون أكثر من 90 % من مشاكل انتقال اللاعبين الأهلي طرفا فيها، لو ذكرنا ما حدث مع الاسماعيلى فقط سنقول مشاكل بسبب حمزة الجمل وأحمد حسن مرورا بضم الأهلي 9 من نجوم الفريق الذى حقق دورى 2002 وصولا إلى حسنى عبدربه! إنه التعصب الذى اوصلنا إلى شعار الأهلي فوق الجميع والأهلي لا يعرف سوى البطولات.. للحديث أكثر من مقال إن شاء الله.
