نحن وأمريكا وروسيا!
في ذات الوقت الذي كانت تعقد فيه قمة جدة التي شاركت فيها مصر بحضور الرئيس الأمريكي كانت الشركة الروسية التي تتولى بناء المحطة النووية المصرية في الضبعة تتولى صب الخرسانة الأساسية لأول مفاعل نووى للمحطة وفقا للبرنامج الزمنى المقرر سلفا لبنائها وتشغيل مفاعلاتها لتوليد الكهرباء بدء من عام ٢٠٢٦ وحتى عام ٢٠٣٠.. وبعد أيام قليلة من قمة جدة ولقاء الرئيس السيسى بالرئيس بايدن سوف يزور وزير الخارجية الروسى مصر مؤكدا أن مصر أهم شريك لروسيا في أفريقيا..
وهذا يعنى أن اختيار مصر سياسة خارجية مستقلة كان أمرا سليما وصحيحا ومفيد ويحقق لنا مصالحنا. لقد اختارت مصر أن تقيم علاقات طيبة وجيدة مع الجميع ما داموا لا يتدخلون فى شؤوننا الداخلية، ورفضت أن تقايض علاقاتها بدولة كبرى بأخرى كبرى.. ولذلك في الوقت الذي استجابت لرغبة أمريكا لتطبيع العلاقات معها بل والارتقاء بها إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية، فإنها سعت لتقوية علاقاتها مع كل من روسيا والصين والعديد من الدول الاوروبية المهمة في مقدمتها ألمانيا وفرنسا وإيطاليا..
وعندما قامت أمريكا بتجييش دول العالم ضد روسيا بعد اندلاع حرب أوكرانيا لم تنخرط مصر في معاداة روسيا ولم تنضم إلى قافلة الذين فرضوا عليها العقوبات الاقتصادية، بل على العكس تماما أدانت أمام مجلس الأمن فرض عقوبات اقتصادية على الدول خارج المنظمة الدولية، وسعت إلى تقوية علاقاتها الاقتصادية مع روسيا التى تربطنا بها علاقات عسكرية خاصة أيضا، ونعتمد عليها كمورد أساسى لأسلحة جيشنا..
ولم نفعل ذلك نكاية في أمريكا التي جمدت المساعدات العسكرية لنا بعد الإطاحة بحكم الإخوان في يونيو ٢٠١٣، وإنما فعلنا ذلك لأن مصالحنا تقتضيه ولأننا قررنا انتهاج سياسة خارجية مستقلة، ولأن أمننا القومى يقتضى ذلك بالفعل، وأيضًا لأننا صرنا على قناعة بأن النظام الدولي أحادي القطبية في طريق الأفول وأن احتكار أمريكا لقيادة النظام الدولى لن تدوم، وسوف ينبثق نظام دولى جديد متعدد الأقطاب.. ونحن الآن نحمى ثمار السياسة الخارجية المستقلة.