بناء على تعليمات الرئيس
في التعميم جهل وجهالة وما نتحدث عنه اليوم قد لا يقع تحت بند التعميم وإن كان ينطبق على الأغلبية من الذين كلفتهم الدولة بعمل عام في موقع محافظ أو وزير أو حتى غفير. تضيق مساحة تحرك المسئول في الموقع الذي أسند إليه خوفا وطمعا، خوفا من الخطأ وطمعا في البقاء لأطول فترة ممكنة وتضيق بالتالى مساحة الإبداع فيما يمكن أن يواجهه من مشكلات.
دون أن تكلف نفسك عناء السفر إلى محافظة شمالية أو جنوبية تستطيع أن تقول وأنت في مأمن من الادعاء كذبا أن السيد المحافظ ينتظر التعليمات التي قد تأتى أو لا تأتى. ومن العبارات الشهيرة التي تنطلق في مقدمة أخبار المحافظات أن يأتيك الخبر مزينا بعبارة "بناء على تعليمات الرئيس" وكأن الرئيس لديه من الوقت ما يتابع به كل شاردة وواردة في البلاد.
منهج حياة
ويكفيك أن تطالع أخبار مجلس الوزراء ومنصب رئيس مجلس الوزراء في بلادنا من المناصب المرموقة.. يأتيك الخبر وفي مقدمته نفس العبارة وربما تتغير إلى "الرئيس يوجه..."!!
ماذا لو لم يوجه الرئيس؟ وماذا لو أن للرئيس مهام جسام تحول دون متابعته كل تفاصيل الحياة في بلد قوامه أكثر من مائة مليون مواطن.. هل تتوقف الحياة؟
نعم.. تتوقف الحياة وينتظر المسئول توجيه الرئاسة أو توجيه من هو أعلى منه.. هكذا تدار الأمور وهكذا تتعقد المشكلات الصغيرة وتتضخم التفصيلة لتصبح تفاصيل يصعب حلها.. الأصل في العمل أن يكلف الشخص بمهام ويقوم عليها ويبذل قصارى جهده للنجاح فيها وهو في طريق العمل قد يصيب وقد يخطئ ولكن الأصل أن تعمل وفق ما هو مسنود إليك دون انتظار التعليمات.
في محافظات مصر تعلو قمم تلال القمامة لتصبح جبالا دون تحرك فهل تنتظر القمامة تعليمات ليقوم المسئول عن ذلك بعمله؟.. القصة تحولت إلى منهج حياة للمسئولين للأسف الشديد.
والسؤال: هل يطلب الرئيس من المسئولين عدم التحرك لحل مشاكل الجماهير إلا بناء على تعليماته؟ بالطبع لا ولكن السائد اعمل كثيرا تخطئ كثيرا تصبح في خبر كان. الأيدى المرتعشة لا تقوى على العمل ولا الإنتاج ولا الإنجاز وتصورى أن الأيدى المرتعشة في بلادنا الآن أكثر من تصورات الخيال نفسه بعد أن ارتكن الجميع إلى انتظار تعليمات السيد الرئيس.