رئيس التحرير
عصام كامل

تجارة التجزئة في أزمة وجنون الأسعار عرض مستمر

سلسلة من الأزمات المتلاحقة تحاصر قطاع تجارة التجزئة بمستوياته حاليا سواء على مستوى المحال التجارية الصغيرة أو حتى السلاسل التجارية الكبرى وأصبح القطاع يعانى بشدة من مطرقة الركود التى تضرب الأسواق منذ بداية جائحة كورونا، وتصاعدت حدتها مع الحرب الأوكرانية وارتباك العلاقات بين الموردين وتجار الجملة، فضلا عن الارتفاع الجنوني في تكلفة التشغيل من إيجارات للمحال وكذا ارتفاع رسوم الكهرباء والمياه والخدمات والمرافق والنظافة والنقل..

 

إضافة إلى تضاعف أجرة العمالة في السنوات الأخيرة، فضلا عن تحديات أخرى أبرزها نمو حجم التجارة الإلكترونية خاصة منذ بداية جائحة كورونا، ونتيجة لهذه المشكلات يلجأ أصحاب المحال  التجارية على مستوى جميع حلقات البيع بالتجزئة إلى رفع هامش ربحهم لمواجهة تزايد أعباء وتكاليف التشغيل لنشاطهم مدفوعين بتجاهل الأجهزة الحكومية المعنية لمشاكلهم، وفي نفس الوقت ضعف دور الأجهزة الرقابية على الأسواق ليصبح الأن رفع هامش الربح لتجارة التجزئة ثانى أخطر العوامل لجنون الأسعار الذي أصاب الأسواق المحلية  بعد تعويم الجنيه وارتباك سوق صرف العملات مؤخرا، ولا عزاء للمستهلكين.

 

أزمات قطاع التجزئة

 

فرغم تعدد المصائب والأزمات التى أصابت قطاع تجارة التجزئة على أهميته القصوى لم نرى اهتماما حكوميا ذا قيمة لبحث مشاكل القطاع مع قياداته أو تقديم أى شكل من أشكال العون لهم لتخفيف مصابهم، في وقت يعد هذا القطاع الحيوي من أكبر القطاعات الإقتصادية على مستوى الدولة، حيث ساهم هذا القطاع الحيوي وفق تقديرات وإحصاءات جهاز تنمية التجارة الداخلية بوزارة التموين  بنسبة 21% من إجمالى الناتج المحلي، أى بقيمة تصل إلى 1.4 تريليون جنيه العام المالى الماضى.

 

ويضم القطاع أنشطة عديدة مثل تجارة الجملة ونصف الجملة والتجزئة وسلاسل الأمداد والمساحات التخزينية والمناطق اللوجستية وغيرها من الأنشطة الخادمة والداعمة لمنظومة التجارة في مصر، ويعمل بهذا القطاع الاستراتيجى ما يقرب من 10 ملايين نسمة يمثلون ثلث القوة العاملة في مصر، كما أنه يعد ثاني أكبر القطاعات التي تشهد معدلات نمو مرتفعة ومتسارعة عقب قطاع الاتصالات والتكنولوجيا للعام الثانى على التوالي..

 

ولهذا فتجاهل أزمات ومشاكل هذا القطاع الحيوى الكبير أمر غير مفهوم وغير مبرر، ولا يكفي أن يكون دور جهاز تنمية التجارة هو البحث عن جذب مزيد من السلاسل التجارية العالمية، وتهمل مشاكل واحد من أهم مصادر التشغيل وتوفير فرص العمل وتحقيق الطموح للشباب.
 

فمع استمرار حالة الركود بالأسواق وتزايد تكاليف تشغيل المحال التجارية بانواعها لابد أن يكون هناك دور وتدخل من أجهزة الدولة المعنية لدعم أصحاب المحال والأنشطة الصغيرة وحل مشكلاتهم، فإذا كانت هناك قدرات أكبر لقطاع السلاسل التجارية في تحمل أعباء الأزمات التسويقية وحالة والركود وارتفاع تكلفة التشغيل باعتبارها تنتمى لشركات كبرى أغلبها تمويل أجنبي، فإن قدرة القطاع الأكبر لتجارة التوزيع متمثلا في المحال التجارية الصغيرة محدودة للغاية، خاصة على مستوى مشروعات الشباب الصغير الذى لجأ لتجارة التوزيع كباب للرزق الحلال والهروب من مصير البطالة والعجز الذى أصاب كثير من خريجى المدارس والجامعات في السنوات الأخيرة.


فقطاع تجارة التجزئة، ليس تجارة فقط وإنما تجارة ودعم لاقتصاد وطني كما أنه أحد مقومات جذب الاستثمارات الجديدة اضافة إلى أنه أهم أبواب التشغيل وتخفيف تركة البطالة المتراكمة، كما يساهم هذا القطاع في دعم قوى الإنتاج المحلية، باعتبار أن السوق المحلي هو المجال الأكبر لاستيعاب منتجاتها.

 

 

وقطاع تجارة التجزئة له دور هام في تحقيق الأمن الغذائى والحفاظ على استقرار الأسعار بالأسواق المحلية وأيضا الحد من انتشار ظواهر سلبية خطيرة ومزعجة لترويج البضائع والمنتجات بأنواعها من سلع غذائية وملابس وقطع غيار وسلع معمرة باتت تفترش الشوارع والميادين الرئيسية حاليا هروبا من ارتفاع تكاليف إيجارات محال تأويهم ورسوم تكويهم وأجهزة رقابية لا يعنيها تنظيم اعمالهم أو دعمهم للاستمرار في النشاط إنما همها الوحيد تحصيل رسوم واتاوات وغرامات تضاعف آلامهم، ويستمر الركود ويتصاعد الغلاء وجنون الأسعار، ولا عزاء للمستهلكين.

الجريدة الرسمية