رهان الإصلاح على نتائج الحوار
منذ وعينا ودوما نسمع كل حقبة زمنية وسياسية دعوات للحوار الوطني وغالبا ما كان تعقد الندوات وتنفض دون أثر وهو ما أرهق الضمير العام، وجعل الناس تفقد الثقة في مثل هذه الدعوات، وبالتالى نشأت شروخ سياسية واجتماعية نالت من مصداقية الحكومات، وبالتالي لا حوار ممكنا إذا لم يفتح المجال العام للتعدد والتنوع السياسى بحرية وهذه أول علامات الجدية حتى تكتسب الدعوة للحوار الوطنى صدقيتها وحرمتها..
ومن الضرورى البدء فى فتح المجال الإعلامى واستدعاء للمواهب والكفاءات المصرية لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وتوسيع المجال العام والحريات العامة بهدف صياغة عقد اجتماعي جديد في المسألة الاقتصادية، ولكل ذلك لا يوجد عاقل يرفض أي دعوة للحوار مهما كانت التوقعات ثم إن الحوار فرصة أمام القوى السياسية شرط الجدية، لأنه إذا لم يؤخذ الموضوع بجدية كاملة فقد تجهض الدعوة، فالقضية ليست إدارة حوار ثم ينفض السامر، القضية الحقيقية هي أن نتمكن من حل المشاكل المتراكمة وتخفيض التوتر العام والتوصل إلى أجواء جديدة تسمح بالتحسن التدريجي.
إصلاح سياسي
وربما يرى الكثيرون أن الإصلاح السياسي هو المدخل الحقيقي لحل باقي الملفات التي تواجه الدولة المصرية. فإذا كان هناك رغبة في حل ما يتعلق بملفات اقتصادية أو ملفات خاصة بنواحي اجتماعية أي ملف، فهذا لن يحدث إلا بإصلاح سياسي جاد وحقيقي ”والبداية حينما يتم الإفراج عن كافة المحبوسين“ فمن غير الطبيعي أن يتم حبس شخص عامين على ذمة الحبس الاحتياطي. أو إلقاء القبض على شخص لمجرد كتابته لبوست يعبر فيه عن رأيه..
وهناك إجماع على أن قانون الحبس الاحتياطي ظالم وواجب التعديل. وهو فى الأصل إجراء احترازى لا ضرورة له في حالة سجناء الرأي، ولا يمكن اختزال التعامل مع ملف المعتقلين المحكوم عليهم في القضايا السياسية، في عدد محدود من الإفراجات أو قرارات عفوٍ تجري وفقًا لأهواء أو تحيزات سياسية أو إرضاءً لبعض الشخصيات العامة. فلابد من تطبيق معايير واضحة لإنهاء معاناة كل من فقد حريته في قضايا رأي أو قضايا سياسية..
وإذا كانت مصر تحتاج لدستور جديد فإن الحوار يجب أن يكون بشأن تطبيق المادة الخامسة من الدستور. التي تنص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والحزبية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة. والتوازن بين السلطات، وعدم تغول سلطة على أخرى، واحترام حقوق الإنسان. وفي الملف السياسي لا يمكن أن ينتهي الحوار بدون الاتفاق على البدء في اجراء الانتخابات للمحليات المعطلة منذ عقد من الزمان مما تسبب في فراغ سياسي كبير.
وأخيرا فإن الأزمة الاقتصادية تستدعي بقدر خطورتها كل ما لدى البلد من مخزون خبرات وكفاءات للنظر في أسباب وطرق مواجهتها بإعادة النظر في السياسات والأولويات وهى تستحق حوارًا وطنيًا على أعلى مستوى من الجدية فهذه لحظة الاقتصاد والمصارحة والأفكار الجديدة للتنمية وزيادة الاستثمارات، ومن المهم تعزيز الاستثمار الصناعي والزراعي، فالصناعة والإنتاج الزراعى هما السبيل الوحيد لتوفير فرص عمل جديدة بالإضافة لأهمية أن تشمل موازنة الدولة جميع الإيرادات والمصروفات بلا استثناء والالتزام بتنفيذ الضرائب التصاعدية وألا يتحمل الفقراء والطبقة المتوسطة أعباء جديدة غير محتملة من أى إجراءات اضطرارية جديدة. وكل تلك المطالب هي مجرد رهانات على نتائج الحوار الراهن.