الضمير
ضمائرنا آلة الله القدوس فى داخلنا، لقد كان من رحمة الله بالخليقة أن جعل فى داخلهم جهاز استقبال حساس.. اصطلح على تسميته بالضمير! ومن خلال هذا الجهاز يتحدث الله سبحانه وتعالى إلى قلوب البشرية، فينبههم إلى مواقع الخطر، وينذرهم، كلما جنحت نفوسهم إلى موارد الهلاك.. وهذا الجهاز الحساس الذى ندعوه الضمير، يقوم بعملين أساسين، فهو يقوم بدور الاستشعار للتنبيه قبل وقوع الحدث، فهو جرس الإنذار الذى يدق قبل الوقوع فى الخطأ، فهو كمطرقة التأنيب يبكتنا إذا تعمدنا الخطأ -الظلم-.
دور الضمير
فالضمير هنا يهدف إلى حماية الإنسان حتى لا يسقط في الخطأ ثم حثه على القيام والنهوض إذا هو سقط، ولكن الضمير له دور آخر أنه هو الأبدية داخل الإنسان، إن الضمير النقى هو الرادار الحساس الذى يلتقط الرسائل التى يرسلها الله سبحانه وتعالى، الضمير هو صوت الله فى داخلك، يستخدمه ليكشف لك طريق الحياة الأبدية، ويوضح لنا ما يصعب علينا إداركه من أسرار مصيرك الأبدى..
وللأسف ضمائر البشر ليست دائمة. إن بعض الناس لها ضمائر يقظة تستمع لصوت الله بما يبثه لها، لأن روح الله في داخلهم، فتفهم إشارته وتوجيهاته، فتدرك بوضوح البعد عن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ولكن للأسف الشديد! بعض الناس لهم ضمائر بليدة الحس، لاتلتقط خوف الله وروحه الساكن فيهم، ولا تفهم إشارته وتظل خامدة فى مادياتها المحسوسة، وبعض الناس ضمائر نائمة أو فى غفلة فقد استحسنوا أن يغلق هذا الجهاز الحساس حتى لا يبكتهم على ظلمهم وأخطائهم الجسيمة فى حق الله والإنسان، فيعشون فى غفلة غير مدركين بمركزهم الأبدى..
وبعض الناس ماتت ضمائرهم بالثلث. إنها ليست فى غفلة إلى حين أو نائمة، بل أصبحت ضمائرهم ميتة، لا تتأثر بصوت إنذارات الله لهم، أو بصوت تبكيت المظلوم، بل يعيشون حياة المظلومين فى الحياة ويعطون لأنفسهم الحق المطلق والعدل! والسبب من ذلك، محبة العالم فى قلوبهم، لذلك فإن روح الله يتحدث إليهم، ويعطى لهم فرص كثيرة حتى تزدهر لهم الحياة بالعودة والتوبة، ولكنهم للأسف لا يتجاوبون حتى تنتهى حياتهم من على هذه الأرض فيهلكون في جهلهم وطمعهم وحقدهم، فالإنسان الذى يفقد ضميره لا يمتلك شيئًا في الحياة ولا بعدها.