نائب رئيس مجلس الدولة: 30 يونيو قرار قومي صائب أنقذ البلاد
استعرض الفقيه المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في دراسة (6) مراحل خطيرة لتاريخ الجماعة الإرهابية منذ 1928 ظل الأنظمة السياسية المصرية الحديثة وتفاصيل وثائقية خطيرة منذ العهد الملكى حتى اليوم وقرار الشعب الذي نفذه الرئيس السيسي بمحق الجماعة تأخر 75 عامًا منذ بداية خلطهم الدين بالسياسة عام 1938 ويعد قرارًا قوميًا صائبًا أنقذ به البلاد، وذلك من خلال 6 مراحل هي:
مراحل الجماعة الإرهابية
1- الجماعة أعلنت مكنونها المستتر 1938 بنظرية الاستقواء بالأجنبي بالمطالب الخمسين كأول استغلال للدين فى السياسة تحت ستار القومية الإسلامية بديلًا للقومية المصرية، ومنذ نشأتهم لا يؤمنون بفكرة الوطن.
2- أول حل للجماعة الإرهابية في العهد الملكي بعد أن تكشفت الدولة المصرية ارتكاب شباب الجماعة حوداث القنابل والمتفجرات في الشارع المصري.
3- هرعت الجماعة إلى القضاء الإداري في عهد رئاسة الفقيه السنهوري فأصدرت حكمها عام 1951 بإلغاء حلها حيث لم تكن فكرة خلط الدين بالسياسة فى ذلك الوقت مما تحظره القوانين.
4- عدم حل الجماعة عقب ثورة 23 يوليو 1952 كان خطأ إستراتيجيا لمجلس قيادة الثورة صححه عبد الناصر.
5- أخطأ السادات بعودتهم للسياسة وراح ضحيته، ومارسوا السياسة 25 سنة فى عهد مبارك ثم صحح الأمر عام 2007 بتعديل الدستور بحظر إنشاء أحزاب لها مرجعية دينية.
6- ذروة استغلال الجماعة الإرهابية للدين في السياسة بعد ثورة 25 يناير 2011 واستطاعوا باسم الدين خلال فترة الاضطراب 2011 إنشاء حزب سياسي رسمي، وحققوا حلمهم بالوصول إلى قمة السلطة وكانت ولاية السنة السوداء كافية بأن تقنع الشعب بنهج إرهابهم وعنفهم حتى أقصاهم فى ثورة 30 يونيه 2013، وقرار السيسي الذي انبثق من إرادة الشعب بمحق الجماعة الإرهابية قرار قومي صائب تأخر 75 عامًا منذ بداية خلطهم الدين بالسياسة عام 1938.
تقول الدراسة، أن جماعة الإخوان لم تكن وقت قيام ثورة 23 يوليو 1952 جماعة جديدة حيث نشأت فى مدينة الإسماعيلية برئاسة حسن البنا عام 1928 فى العهد الملكى، وأعلنت بدايتها أنها جماعة دينية ينصرف نشاطها فى المجال الدينى فقط، ثم خططت الجماعة للانتشار والبحث عن اتباع لها فنقلت نشاطها ومقرها عام 1932 إلى مدينة القاهرة وظلت على مكنونها المستتر قرابة ست سنوات أخذت خلالها الانتشار بين الناس على أنها جماعة دينية لنشر الإسلام، وحينما قوى ساعدها وأصبح لها مريدين وأتباع أعلنت عن مكنونها المستتر فى عام 1938 باستغلال الدين فى السياسة تحت ستار فكرة القومية الإسلامية كبديل للقومية المصرية، فقد كانوا منذ نشأتهم لا يؤمنون بفكرة الوطن ومنذ ذلك العام شهد خلطهم الدين بالسياسة تمثل فى نظرية الاستقواء بالأجنبى لفرض وجودهم على الساحة السياسية، حيث بادر حسن البنا مؤسسها بالاستقواء بالدول الأجنبية فى خطاب وجهه إلى الملوك والأمراء لحكومات الدول الإسلامية والجماعات الإسلامية عُرفت بالمطالب الخمسين.
وأشار الفقيه خفاجى أن جماعة الإخوان بدت بخطوات فعلية للمشاركة فى الميدان السياسى فترشح أفراد منهم لخوض انتخابات لمجلس النواب عامى 1942 و1944 لكنهم باءوا بالفشل، لكن نهج جماعة الإخوان لم يقتصر منذ عام 1938 على الاستقواء بالدول الأجنبية بل وتعدى هذا الأمر بفرض نفسها على الساحة السياسية فى أسوأ استغلال للدين بقيامها بوصف الأحزاب السياسية القائمة حينذاك بأنها "أحزاب الشيطان" ، ثم بان وجهها الإرهابى مبكرًا – وهو ما لايدركه كثير من الباحثين - حينما تكشفت الدولة المصرية فى العهد الملكى أن حوداث القنابل والمتفجرات فى الشارع المصرى كان يرتكبها شباب منتمين إلى جماعة الإخوان الأمر الذى دفع الدولة المصرية فى العهد الملكى إلى حل جماعة الإخوان وكان ذلك هو أول حل لها بعد إنشائها، فهرعت الجماعة إلى محكمة القضاء الإدارى فى عهد رئاسة الفقيه الدكتور عبد الرزاق السنهورى رئيس مجلس الدولة فى ذلك الوقت – وكانت حينذاك المحكمة وحيدة النشأة قبل نشأة المحكمة الإدارية العليا بعدة سنوات – فأصدرت المحكمة حكمها عام 1951 بإلغاء القرار المطعون فيه بحل الجماعة ومصادرة أمولها، إذ لم تتخذ الحكومة المصرية فى ذلك الوقت الإجراءات الكافية اللازمة لمواجهة إرهابهم، كما لم تكن فكرة خلط الدين بالسياسة فى ذلك الوقت مما تحظره القوانين بصفة صريحة، فعادت الجماعة إلى الوجود ومزاولة نشاطها واستردت أموالها وكانت تلك البداية الخاطئة لوجودهم فى الميدان السياسى.
وأوضح القاضى خفاجي، أن الرأى عندى أنه رغم وضوح المسألة منذ عام 1938 باشتغالهم فى السياسة إلا أنهم أكدوا فى مناورة منهم بعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952 أنهم جماعة دينية فقط حينذاك فأصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا بحل الأحزاب السياسية دونهم ،إلا أن جمال عبد الناصر صحح الأمر بحكم شخصيته فى مجلس قيادة الثورة، فقد كانت قناعته أنها تستغل الدين فى السياسة ففطن إلى أنها تعمل بيقين فى مجال السياسة ولا تختلف عن الأحزاب السياسية فى شئ التى أصابها قرار الحل، وفى 14 يناير 1954 أصدر مجلس قيادة الثورة قرارًا باعتبار جماعة الإخوان المسلمين حزبًا سياسيًا يطبق عليها قرار مجلس قيادة الثورة الخاص بحل الأحزاب السياسية، وبان الوجه الإرهابى القبيح لتلك الجماعة حينما حاولوا اغتيال خالد الذكر الرئيس جمال عبد الناصر فى حادثة المنشية الشهيرة بالإسكندرية.
وأضاف الفقيه محمد خفاجى أن جماعة الإخوان الإرهابية لجأت إلى مناوة أخرى فى عهد الرئيس محمد أنور السادات على ركيزة من الالتزام فى الميدان السياسى، وكان ذلك خطأ استرايجياُ أخر كلف مصر الكثير، فقرر الرئيس السادات عودة جماعة الإخوان إلى الحياة مرة أخرى، ثم خاضوا انتخابات فردية لترشح عناصرهم فى مجلس الشعب دورة 1976، ثم دورة 1979، وتم اغتيال الرئيس البطل أنور السادات خلال عرض عسكرى فى 6 أكتوبر عام 1981 بمناسبة الاحتفال بذكرى نصر اكتوبر المجيد عام 1973 وكان القاتل خالد الإسلامبولى بالاشتراك مع أخرين وهم جميعًا يدينون إلى مرجعية دينية متطرفة، وفى عهد الرئيس مبارك خاضت جماعة الإخوان الترشح لانتخابات مجلس الشعب دورة 1984، ثم دورة 1987، ثم دورة 1995، ثم دورة عام 2000 اشتد ساعدهم وفازوا بسبعة عشر مقعدًا بمجلس الشعب، وفى عهد الرئيس مبارك 26 مارس 2007 تم تعديل الدستور الصادر عام 1971 متضمنًا تعديل 34 مادة تضمن من بين تعديلاته نص المادة الخامسة منه بحظر إقامة أحزاب على أساس مرجعية دينية أو أساس دينى.
واختتم الفقيه القاضى أن ذروة قيام جماعة الإخوان باستغلال الدين فى السياسة أتت واتية بعد ثورة الشعب فى 25 يناير 2011 واستطاعوا بنفوذهم الدينى والسياسى خلال فترة الاضطراب بتاريخ 6 يونيو 2011 بإنشاء حزب سياسى رسمى لهم لأول مرة فى تاريخهم أسموه " حزب الحرية والعدالة "، وفى 24 يونيو 2012 ونتيجة استغلال الدين بالسياسة فاز حزب الجماعة الدينى السياسى بتولى رئيس الحزب وعضو مكتب الإرشاد محمد مرسى برئاسة مصر، وفى تلك اللحظة استطاعوا أن يحققوا حلمهم بالوصول إلى قمة السلطة والحكم بعد 84 عاما من تأسيس الجماعة وكانت ولاية السنة التى تولوها كافية أن تقنع الشعب بنهج إرهابهم وعنفهم حتى ثار الشعب فى ثورة 30 يونيه 2013، وهكذا رأينا تأصيل أثر عنف التيار الإسلامى المتطرف على استغلال أزمات الشعوب للإضرار بالسلام الاجتماعى والإنسانى واستغلال خلط الدين بالسياسة، ويُعد قرار الشعب الذى نفذه عبد الفتاح السيسى بمحق الجماعة الإرهابية قرارًا قوميًا صائبًا قد تأخر 75 عامًا منذ بداية خلطهم الدين بالسياسة عام 1938.