لماذا أصبح الإسلام السياسي غير مرغوب فيه بأي حوار وطني؟
تعيش مصر حالة من الزخم السياسي غير المسبوق خلال السنوات الماضية بسبب دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي للحوار السياسي الذي يجمع كل القوى المدنية بلا استثناء المؤيد منها والمعارض، في الوقت الذي اجمع الكل على انتهاء صلاحية الإسلام السياسي بعد أن أصبح غير مرغوب فيه سواء تورط في عنف أم لا.
وخلال السنوات الماضية كانت تظهر العديد من الاقتراحات لإجراء حوارات موسعة مع التيارات المتطرفة بدلًا من الاستمرار في مواجهتها، وهذه الألية وإن كانت مطروحة دائما إلا أنها لم تعد جاذبة في الوقت الحالي، ودائما ما يرفضها الباحثون في شؤون الجماعات الدينية والقيادات التي انشقت عنهم، سواء داخل المنطقة العربية أو حتى الباحثين الغربيين.
لا مراجعات حقيقية
ويؤكد الباحثون أن التجارب السابقة للحوار مع تيارات الإسلام السياسي لا تخرج عن كونها «تقية» تمنحها الفرصة حتى تتمدد في المجتمع وتعمل على تقوية جذورها مرة أخرى، والاستعداد للحظة الصدام، ولهذا يرجحون تجاهلها مع استمرار التوعية للجماهير وتحصينها بالفكر الصحيح للدين.
خوسية لويس، الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، أبرز من يرى أن التحاور مع تيارات الإسلام السياسي لا يجدي، هكذا أثبت الواقع دائمًا، لافتًا إلى أن النتيجة دائما تنحصر في تراجع النشاط المتطرف في منطقة مقابل ما هو أصعب، التمدد في مساحات أخرى.
التفاوض مع الإرهاب
ولفت الباحث إلى أن التفاوض مع التطرف الديني لا يغير قناعات انصاره، بل يؤجل حسم المشكلة إلى وقت آخر، يكون اكتسبوا شرعية على الأرض وعززوا من تواجدهم، ومع الوقت لا يستفيد من هذا الحوار، إلا المتطرفون والإرهابيون أنفسهم.
نشر الفوضى
وتعتمد تيارات الإسلام السياسي على التسرب داخل بنية المجتمع وخداع المتحمسين ودغدغة مشاعرهم لجعلهم وقودًا لحروبهم الخاصة، حيث يعتمدون على عباءة الدين لتحقيق أهداف سياسية بحتة، مرورا بنشرهم الفوضى لإنهاك الدول التي يظهرون فيها ويحاولون باستماتة الوصول إلى السلطة بها.
ولا تعترف هذه التيارات بالأوطان، بل يؤمنون فقط بجماعاتهم، لذا فإن سقوطهم شعبيًّا وسياسيًّا كان أمرًا طبيعيًّا، وهذا ما يجعل المصالحة معهم مستحيلة دائمًا، ولاسيما أنها تحمل مخاطر جمَّة، سواء كانوا في الحكم أو خارجه.
واستمرار الوعي الشعبي المتزايد بخطر هذه التيارات هو أعلى درجات المواجهة بحسب العديد من الباحثين، وهذا هو الضامن الوحيد لعدم عودتهم إلى مفاصل القوة، فالسقوط المتوالي لهم في المنطقة منذ أحداث الربيع العربي يؤكد حالة الرفض الشعبي لهذه الحركات وأيديولوجيتها المتشددة.