توصيات بالتخلص من الاختلالات بين القانون واللائحة التنفيذية بهيئة التنمية الصناعية
أكدت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، أن الوزارة تعمل حاليا على إعداد منظومة جديدة للإجراءات والخدمات التي تقدمها هيئة التنمية الصناعية لمجتمع الصناعة.
وأعد المركز المصري للدراسات الاقتصادية دراسة “التقييم التفصيلي لمنظومة عمل هيئة التنمية الصناعية من كل الجوانب وعلاقتها بالمؤسسات الأخرى ذات العلاقة بالصناعة”.
ورصدت الدراسة أهم مشاكل المستثمر والذي يقع ضحية التداخل في المنظومة وضعف أداء الهيئة، ووضعت حلولا تفصيلية مقترحة لكافة المشكلات التي تنوعت ما بين مشكلات مؤسسية تتمثل في علاقة هيئة التنمية الصناعية بالجهات الأخرى والخلل في أسلوب إدارة الهيئة، وعدم تشكيل مجلس إدارة للهيئة بموجب قانون الهيئة الصادر عام 2018 حتى الآن، وافتقاد المعايير الفنية لاختيار قادة الهيئة، ومركزية القرار وضعف مشاركة الإدارات في اتخاذ القرار، بالإضافة إلى ضعف التواصل الداخلي والخارجي للهيئة، وضعف آلية الشكاوى والتظلمات، وضعف الكفاءات داخل الهيئة، وضياع حقوق المستثمر دون وجود جهة تحفظ حقه، وعدم اكتمال رقمنة الهيئة بالشكل السليم.
وعلى الجانب التشريعى رصدت الدراسة عدد من المشكلات التي تمثلت في التالي:
1- تعدد اللجان داخل الهيئة العامة للتنمية الصناعية
2- وجود متابعة سنوية حتى في حالة التراخيص بالإخطار مفتوح المدة
3- وجود معيار معيب لدى الهيئة غير متعارف عليه لتمييز المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقا لمساحة الأرض (500 م2)، وهو يتعارض مع تعريفات المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الجهات الأخرى
4- بجانب غموض بعض مواد قانون التراخيص مما يؤدي إلى اختلاف التفسيرات وعدم توازن اللجان وضياع حقوق المستثمر
5- تعدد الجهات المنوط بها وضع الضوابط الفنية والمالية للتقدم بطلب حصول على أرض، والتعامل مع الأرض كسلعة، بجانب الفجوة بين القانون واللائحة التنفيذية
6- وجود فجوة بين القانون والإجراءات المعلنة وأرض الواقع سواء ما يتعلق بالتراخيص أو عدم توافر الأراضى
7- صعوبة تخصيص الأراضي الصناعية من خلال الخريطة الاستثمارية.
ومن خلال مقارنة وضع مصر مع بعض التجارب العالمية فيما يخص التراخيص وتخصيص الأراضي وإدارة المناطق الصناعية، أشارت الدراسة إلى أنه بشكل عام فى التجارب الدولية لا يوجد بالضرورة جهة حكومية مركزية للتنمية الصناعة، فيعامل النشاط الصناعي مثل أي نشاط استثماري وتستكمل إجراءاته المحدودة من خلال المحليات بسهولة ويسر، كما أن هناك اتفاق بين تجارب الدول على تعزيز الصناعة ووضعها كأولوية أولى ولا تتربح الدول من أي إجراءات تخص الصناعة وتكتفي بالعائد الضريبي الذي يدفعه المصنعين من أرباحهم.
وطالبت الدراسة بتوحيد جهات تخصيص الأراضي بشكل كامل بما في ذلك الجهات السيادية حتى يتسنى تحويل المنظومة كلها وبشكل كامل إلى النظام الرقمي مثل دولة الإمارات والسعودية.
وشددت الدراسة على ضرورة تبني التغييرات المطلوبة جميعًا وليس فرادى وبشكل مستدام، وغير مرتبط بشخص المسئول حتي تتحقق نتائج سريعة ومستدامة، وأهمية الاستفادة من تجارب الدول الأخرى الناجحة والتي اجتمع فيها جميعا سهولة الإجراءات ووضع المصلحة العامة للصناعة قبل مصالح المؤسسات من تحقيق ربحية أو تحكم في الإجراءات، وطالبت الدراسة بالفصل الصريح بين دور المنظم والرقابي للصناعة ودور تقديم الخدمة بمقابل، ففي جمعهما تضارب للمصالح، مع ضرورة عودة دور «التنمية الصناعية» للهيئة وليس فقط دور رقابي وتقديم التراخيص والسجل الصناعي، ووقف الاستثناءات في التعامل وتبني الرقمنة إلى أقصى درجة ممكنة.
وانتهت الدراسة إلى أن تحقيق تغيير فعلى في الأداء يتطلب عدد من المبادئ الحاكمة في التعامل مع المنظومة أهمها التركيز على حل جذور المشكلة وليس عرضها وإلا لن تؤت أي من الحوافز التي تعلنها الحكومة أي نتيجة، مع ضرورة تفضيل حاسم لمصلحة الصناعة فوق مصالح هيئات بعينها متسببة حاليا في معظم مشاكل المصنعين خارج حدود الهيئة، بالإضافة إلى تبنى المفهوم السليم للتنمية الصناعية وليس الرقابي، وتنبثق استراتيجية التنمية الصناعية من الاستراتيجية التنموية لمصر وليس بمعزل عنها، ودعت الدراسة إلى تصحيح مفهوم الهيئة الاقتصادية والوصول لتوازن بينه وبين الهدف الأصلي لوجود الهيئة وهو مساندة الصناعة.
وأوصت الدراسة بعدد من المقترحات للخطة الإصلاحية لمنظومة التنمية الصناعية على المدى الفوري والقصير والمتوسط والأطول، فعلى المدى الفوري خلال فترة أقل من 3 شهور دعت إلى تفعيل القانون الموجود بالفعل والقضاء على التعقيدات المرتبط باستخراج او تجديد السجل الصناعى، وإعادة تقييم التكاليف المعيارية بشكل عادل يتناسب مع تكلفة الخدمة من خلال خبراء خارجيين وتحت إشراف رئاسة الوزراء واتحاد الصناعات، والتعامل مع شكاوى المستثمرين من خلال منظومة مؤسسية رقمية بعيدا عن الجهود الفردية.
وعلى المدى القصير من 3 شهور إلى عام، دعت الدراسة إلى التخلص من كل التعقيدات المرتبطة بالاختلالات بين القانون واللائحة التنفيذية، ومراجعة الهيكل الإدارى للهيئة، وإلغاء اللجان غير الضرورية، وإعادة تقييم القوى البشرية العاملة في الهيئة وعدد المستشارين وتخصصاتهم وفقا لرؤية جديدة للهيئة تضع أولوية لاحتياجات الصناعة بعيدا عن الربحية.
واقترحت الدراسة على المدى المتوسط خلال فترة من عام إلى عامين فك التشابكات بين الهيئات داخل المنظومة من خلال إصلاح مؤسسي حقيقي وليس ظاهري يصل إلى العقد الشامل الذي يتعامل فيه المستثمر مع هيئة التنمية الصناعية فقط، أما على المدى الأطول خلال أكثر من عامين
وأكدت الدراسة أهمية تحول الوضع القائم من تعامل المستثمر مع جهات مختلفة ومتعددة بنفسه، إلى التعامل بين المستثمر والجهات المختلفة بوساطة هيئة التنمية الصناعية كمرحلة أولى، وفى المرحلة الثانية تتعامل الهيئة مع الجهات المختلفة بدلا من المستثمر وفقا للعقد الشامل، والذي اقترحته الدراسة، وهو يحتوي على كل المواصفات المطلوبة من بناء ومعايير بيئية ودفاع مدني المرتبطة بهذه الصناعة بعينها ولهذا الحجم من المصانع، وبتوقيع المستثمر على العقد يكون ملتزما بتنفيذ كل ما فيه ولا يحق لأي جهة تغيير الشروط ولكن لها حق زيارة المصانع للتأكد من الالتزام ببنود العقد الشامل.