في ذكرى افتتاحه.. قصة بناء كوبري قصر النيل من الخديوي إسماعيل لـ"الملك فؤاد"
في مثل هذا اليوم من عام 1933، افتتح الملك فؤاد، كوبري الخديوي إسماعيل، كوبري قصر النيل فيما بعد، وخلف هذا الأثر قصة كبيرة تمتد إلى عصر إبراهيم باشا الوريث الأول لمحمد على في حكم مصر، وكان قائدًا عسكريًّا من طراز رفيع، ويملك ثقافة جغرافية وعمرانية عبقرية، وهو صاحب القرار الأول في بناء المنطقة التي مهَّدت لظهور الكوبري في العمارة الحديثة للبلاد.
عن منطقة قصر النيل
يعبر عنها شارع قصر النيل - أشهر شوارع وسط القاهرة - والوحيد الذي لم يتغير اسمه منذ عقود، ويعتبر إبراهيم باشا - ابن محمد على الكبير- أول مَن فكَّر في تعمير المنطقة الممتدة الآن من كوبري أبو العلا شمالًا إلى ما بعد كوبري قصر النيل جنوبًا.
أمر إبراهيم باشا بتمهيد تلك الأرض وردمها وتسويتها كجزء من تجميل الشاطئ الشرقي لنيل العاصمة، واستكمل المسيرة سعيد باشا رابع ولاة مصر من الأسرة العلوية بالجيش والبحرية الذي أنشاْ قلعة عسكرية في القناطر الخيرية، كما أنشأ ثكنات للجيش المصري في منطقة قصر النيل وكانت هذه أكبر حركة تعمير في المنطقة.
كوبري قصر النيل
بدأ إنشاء كوبرى قصر النيل عام 1869 أيام الخديو إسماعيل، وكان بذلك أول كوبرى للمرور أنشئ على النيل من منبعه إلى مصبه وافتتح للمرور في العاشر من فبراير 1872 وأنشأته شركة فيف ليل الفرنسية، واستمر في الخدمة ستين عامًا تقريبًا، أى إلى أول أبريل 1931 وكان طوله 406 أمتار.
ثم تقرر هدم كوبرى قصر النيل وإنشاء كوبرى آخر محله وطرح في مناقصة مارس 1930، ورست المقاولة على شركة دورمان لونج الإنجليزية بتكاليف قدرها 308250 جنيهًا و250 مليما، وهو الكوبرى الحالى الذي افتتحه الملك فؤاد في مثل هذا اليوم عام 1933 وأطلق عليه اسم والده الخديو إسماعيل اعترافًا للمنشئ الأول لكوبرى قصر النيل القديم.
أصبح طول الكوبرى الجديد 382 مترًا وعشرين سم وعرضه 20 مترًا، وكجزء من تجميله أعيد تركيب الأسود الأربعة التي كانت قائمة على مدخل الكوبرى القديم لتكون أثرًا ناطقًا بفضل إسماعيل المنشئ الأول، ولكن على ارتفاع أقل مما كانت عليه في الكوبرى القديم.
إذ كانت قواعد كوبرى قصر النيل القديم من الدبش العادى المحاط بطبقة من الحجر الجيرى الصلب؛ إلا أن الكوبرى الجديد أسس من صناديق حديدية مملوءة بالخرسانة المسلحة ودعامة من خرسانة مكسوة بالجرانيت الوارد من أسوان، وبلغ وزنه المعدنى 3360 طنًا أى ضعف الكوبرى القديم.
رسوم عبور الكوبرى
رسوم يدفعها كل من يعبر الكوبرى القديم الذي أنشأه الخديو إسماعيل سواء من البشر أو الدواب، وهذه الرسوم كانت تستخدم في صيانة الكوبرى، فضلًا عن رد بعض تكاليف الإنشاء حسب نص المرسوم الذي نشرته الوقائع المصرية في فبراير 1872.
فرضت محافظة القاهرة رسوم عبور على الجمل المحمل قرشين، والفارغ قرشا واحدا، والخيول والبغال قرشا و15 بارة والفارغة 30 بارة والجاموس والأبقار قرشا و15 بارة لكل واحدة وعربات الكارو المجوز المحملة ثلاثة قروش والفارغة قرشا وعشرون بارة والمفرد المحملة قرشين.
أما الرجال والنساء فارغين، فيدفع كل فرد مائة بارة وعربات الركوب قرشين محملة، وقرشا للفارغة، مع إعفاء الأطفال حتى ست سنوات المارين مع أقاربهم من دفع هذه الرسوم، والغريب أن الرسوم كانت تشمل عبور النعام الصغير والكبير، والغزال، والكلاب، والخنزير، والحلوف، والضبع، ويسدد عن كل منها عشرة فضة، أى كان وجود هذه الحيوانات شائعًا ودفع الرسوم عنها أمرًا عاديًا.
تحول اسم كوبرى قصر النيل إلى كوبرى التحرير بعد ثورة 1952، ثم أطلق عليه اسم جمال عبد الناصر، لكن الاسم القديم ظل صامدًا والأكثر قربًا للمصريين.