حكومة اللئام والفلاح الهُمام
لا أفهم ألغاز تعامل الحكومة مع الفلاح المصري بشأن توريد القمح ووعيدها لهذا الفلاح المسكين بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هو لم يورد حصته من القمح. القمح قمح الفلاح والأرض أرضه وحكومة أمريكا تدعم الفلاح وحكومات أوروبا تدعم الفلاح وكل الدول تفعل ذلك دون معايرة أو تهديد ووعيد.
الحكومة في كل تصرفاتها مع المواطن إنما تنحو إلى اتجاه رفع الدعم وترك آليات السوق تفعل فعلتها بالناس حتى أصبح كيلووات الكهرباء من الملذات والشهوات التي “يكع” المرء دم قلبه من أجلها. "اشمعنا" في القمح تفرض الحكومة على الفلاح سعر أقل أو تسليم حصة بالأمر المباشر عندما أطل الأمل لهذا الفلاح المسكين في محصول تعرض لأزمة عالمية.
الحكومة في هذا الأمر اشتراكية وفي جل الأمور الأخرى هي رأسمالية متوحشة إلى حد القتل.. الفلاح المصرى المغبون يرى أن الحكومة تعامله بقسوة وتتركه عرضة لمواجهة فلاح أوروبا المدعوم وعندما يلوح أمل في محصول "تقلب" شيوعية في زمن خلا من الشيوعية.
والفلاح مثل أي منتج حر فيما يملك.. يبيعه.. يأكله.. يخزنه.. هو حر فما تقدمه الحكومة من دعم له إن وجد ليس مبررا لتفرض عليه توريدا بالأمر المباشر وبسعر أقل من السعر العالمي. أما قصة تهديد الفلاح في بطاقة التموين ودعم الأسمدة فهو أمر أغرب من الخيال.. أن تكون رأسماليا واشتراكيا في ذات نفس اللحظة أمر غريب ومدهش وشاذ.
أذكر الدكتور مصطفي مدبولي بما قاله محمد علي باشا بعد تجربة طويلة مع الفلاح: لن تستطيع أن تأخذ من الفلاح المصرى إلا ما يوافق عليه الفلاح المصري.