نتائج معاكسة للخطة الأمريكية
تدخل الحرب الروسية الأمريكية على الأراضي الأوكرانية شهرها الرابع، بإعلان الروس والغرب معا عن سلسلة من الانتصارات الروسية ذات الاندفاع الواضح في إقليم دونباس شرقي وجنوب أوكرانيا، وإعتراف البنتاجون، ولندن بتقدم القوات الروسية وسيطرتها علي مدينة ليمان المحورية في الشرق الأوكراني، كان ضرورة إعلامية يوازن بها سلاح التضليل الغربي رصيده الكبير من الأكاذيب وأنصاف الحقائق عن مجريات الحرب وما تتكبده روسيا من خسائر، وما تعكسه عملياتها من فشل في التخطيط، وفى خطوط الإمداد والتموين.
بطبيعة الحال فإن الحرب الإعلامية كاذبة لدي الطرفين، حتى لو حملت أنصاف حقائق، أو أنصاف أكاذيب. فنصف الحقيقة كذبة ونصف الكذبة كذبة كاملة.. ولو صدق الروس أنهم خسروا عشرة الأف جندي شهريا، أي ٣٠ ألف جندي في ثلاثة اشهر، لتوقفوا وراجعوا خططهم. لكنها الحرب والعبرة بالنتائج النهائية على الأرض. بسقوط ليمان وماريوبول وخيراسون والسيطرة على البحر الأسود، تكون الإدارة الروسية حققت معظم أهدافها من العملية الخاصة.
لابد من القول أنها أيضا حققت نجاحات إضافية لم تكن في الحسبان، فقد أدت العقوبات الأمريكية الاوروبية المتتالية بلا هوادة علي الاقتصاد الروسي إلى نتائج صادمة للاوروبيين علي وجه خاص، ومن ورائهم محرضوهم الأمريكيون. فالروبل يعزز مكانته بقوة في مواجهة الدولار الذي يتراجع، وصادرات الغاز والنفط الروسية تراجعت بسبب قيود التصدير لكن فرق الأسعار حقق ما يزيد على ١٦مليار دولار للخزانة الروسية، وبسبب صعوبات تصدير القمح الأوكراني تضاعفت مبيعات القمح الروسي وسيطر على الأسواق وإرتفعت اسعاره..
مكايدة أمريكية
يحدث ذلك في وقت يتعرض فيه الاقتصاد الأوربي للتضخم وإرتفاع مخيف في الأسعار، وتراجع القوة الشرائية، وحين تبدأ العقوبات الغربية في التأثير على الإقتصاد الروسي بعد أمد متوسط سيكون اقتصاد أوروبا ذاتها في إنهيار. الاتصال الذي اجراه كبيرا القارة الاوربية -فرنسا وألمانيا- مع بوتين أمس ليس بهدف دفعه إلى قبول حوار جدي مع رئيس أوكرانيا زلينسكي، بل هدفه العمل على إنقاذ الاقتصاد الالماني والفرنسي..
وإشترط بوتين عليهما رفع العقوبات مقابل إستئناف روسيا تصدير الأسمدة والحبوب.. ومن المفهوم أن الإنقسام الأوروبي يتعمق، بينما التقارب الصيني الروسي يتقدم بفضل سياسات بايدن وعدوانيته تجاه بكين وإعلانه عن التدخل عسكريا إذا غزت الصين تايوان. المفارقة أن أمريكا تتبع سياسة إسمها الغموض الاستراتيجي، لكنها معترفة بأن هناك صين واحدة.. ومن ثم فتايوان جزء من الوطن الأم..
لكنها المكايدة الأمريكية واللعب بكافة الأوراق لإبعاد الصين عن روسيا، ومرة ثالثة فقد حققت هذه الخطوة نتائج عكسية. لم تتقبل الصين تصريحات بايدن ولا بلينكن وزير خارجيته، وحذرت من أن العلاقات مع واشنطن في مفترق طرق.. مع التحذير الصيني، حذرت روسيا أمريكا من تزويد أوكرانيا بأسلحة صاروخية بعيدة المدى.
يمكن لأوكرانيا إذن ضرب العمق الروسي. وستكون أمريكا عندئذ هى من ضرب العمق الروسي. وأمس إستعرضت روسيا قوتها الصاروخية الأسرع في العالم، فقد جربت الصاروخ فرط الصوتى تسيركون فأصاب هدفه علي مسافة ألف كيلومتر في البحر المتوسط!
ورغم أن الحرب علي الأراضي الأوكرانية هي حرب مدفعية، ذهابا وإياب بين الطرفين الإ أن دخول التسليح الأمريكي النوعي علي الخط، يدفع باحتمالات رد روسيا علي أمريكا، بطريقة غير مسبوقة..
المشهد مفتوح ونتابع.