منع من الكتابة في عهد السادات.. 39 عامًا على رحيل شاعر التمرد والاغتراب أمل دنقل
رثاه الشاعر الفنان صلاح جاهين بقوله فى قصيدته الموتى “باحكى عن الموتى فى شتى العصور وبأقول ألف رحمة ونور، مش باحكى عن أمل دنقل لأنه عايش رغم سكنى القبور ”،ففي مثل هذا اليوم 21 مايو 1983 رحل الشاعر الجنوبى المعروف بشاعر التمرد المطارد دائما أمل دنقل عن 43 عاما قضى أربعة منها صراعا مع مرض السرطان.
ولد الشاعر أمل دنقل عام 1940 بقرية القلعة محافظة قنا،حفظ القرآن في هذه سن صغيرة في كتاب القرية، جاء إلى القاهرة والتحق بكلية الآداب جامعة القاهرة، عاش حياة الفقر والاغتراب وبعد تخرجه عمل موظفا بجمرك الإسكندرية عام 1962، حيث تعرف في هذه المرحلة على العديد من شعراء الإسكندرية.
شعر الرفض
أطلق أمل دنقل على شعره "شعر الرفض" وكانت أشعاره دائما عن العدل الغائب فى مجتمع السقوط فكان الموت حاضرا بقوة فى أشعاره، نشر أول قصائده "الأشياء الصغيرة" عام 1958.
لا تصالح
قدم امل دنقل مجموعة دواوين نصبته أميرا للشعر، هي:البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، سفر الخروج، لا تصالح، الجنوبي، الوقوف على قدم، الجرح لا ينفتح، الوقوف على قدم، كلمات سبارتكوس الأخيرة، رسالة من الشمال، وغيرهما وفاز بجائزة أفضل شاعر شاب في العشرينيات من المجلس الأعلى للفنون والآداب.
أوراق الغرفة 8
وكان آخر دواوينه (أوراق الغرفة 8 ) الذى كتبها وهو على سرير المرض بمعهد الأورام يصارع المرض اللعين، يصف في ديوانه الحجرة التي رقد فيها فقال: كان نقاب الأطباء أبيض..لون المعاطف أبيض..تاج الحكيمات أبيض.. أربطة الشاش والقطن..لون الأسرة..كوب اللبن..الملاءات.. أنبوبة المصل.. كل هذا يشيع بقلبى الوهن..كل البياض يذكرنى بالكفن.
أمل دنقل شاعر يحمل كل متناقضات الدنيا لحد إصابته بالفقر الشديد حتى لا يهين الشعر، عاش في القاهرة متنقلا بين فنادق الدرجة العاشرة، لم يبال بالهجوم عليه أو انتقاده لكنه يعلن غضبه من الفنان بهجت عثمان عندما اتهم صلاح عبد الصبور في إحدى السهرات بموالاة الدولة في حادثة شهيرة قضت على صلاح عبد الصبور، هوجم عندما رثى الشهيد يوسف السباعي بقصيدة حزينة فاصلا بين الخلاف السياسي وبين علاقة الاصدقاء.
منع الكتابة
منع أمل دنقل من الكتابة في عهد الرئيس السادات مع 63 من كبار الصحفيين ومنهم يوسف ادريس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وغيرهم الصحفيين الذين منعتهم الدولة من الكتابة فعاش هائما مطاردا فقيرا بلا عمل يتردد على بنسيونات القاهرة الفقيرة.
عاش الشاعر أمل دنقل بتجربة قاسية حين داهمه مرض السرطان اللعين حتى أجبره على الرحيل وهو في قمة توهجه الشعرى لكنه ظل يقاوم المرض بالشعر فأخرج فى آخر أيام حياته ديوانه (أوراق الغرفة 8 ) الذي اختتم به حياته في الغرفة 8 بمعهد الأورام القومي وكانت ترافقه زوجته الصحفية الأديبة عبلة الرويني التي أحبها وتزوجها منذ أن أجرت حوارا صحفيا معه على مقهى ريش.
عبد الرحمن الابنودى
وصف كتابته رفيق مشواره الشاعر عبد الرحمن الابنودى أمل ينقل اللحظة التى عايشها وينقل حياته بشكل عام وهو لا يقصد الكتابة السياسية لكنها تكون نابعة من إحساسه ومن هنا يقف مع الحلم ضد الواقع.
تجدد الحزن
وقال عنه الدكتور جابر عصفور: عندما توفي أمل دنقل كنت موجودا، وعندما عدت من دفنه حاولت الكتابة ولكني شعرت بالخرس، ولم أستطع الكتابة ولو كلمة واحدة آنذاك، واستمر هذا الخرس لسنوات، فكلما حاولت كنت أشعر بأن المأساة تتجدد فأبكي بيني وبين نفسي.