الشاعر عبدالرحمن الأبنودي يحكي عن رمضان الطفولة في القرية
لكل مبدع وفنان ذكريات طفولية مرت بحياته فى مناسبة ما، وللشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودى اشهر شعراء العامية ـ ولد فى مثل هذا اليوم عام 1938 ـ ذكريات فى طفولته خاصة بشهر رمضان يسرد جزء منها فى كتابه "أيامي الحلوة، فيقول: رمضان الطفولة مرتبط عندى بمؤذن القرية اى مؤذن مسجد القرية وهذا المسجد كان بلا سقف او مئذنة لكن كانوا يسمونه المسجد، وكان اسمه الشيخ رفاعى، وبمجرد ان يهل علينا الشهر الكريم الا وأتذكر هذا المؤذن الذى كان إمام مسجدنا وقارئ القران بالقرية بالرغم من انه كان صاحب الصوت السئ ولا يحفظ القران بل كان صوته رفيعا جدا مثل صوت القطط لكنه لا يمكن سماعه وكنا نعرف ميعاد الاذان عندما يرفع يده الى اذنيه للصلاة.
رمضان بدون كهرباء
أما نحن أطفال القرية فكنا نذهب الى فناء بجوار المسجد الذى لا مئذنة له، ونلعب ألعاب مختلفة ومبدعة، ونصنع بعض الصناعات اليدوية الصغيرة،كنا نتجمع حول المسجد نقضى الوقت فى اللعب والبيع والشراء حتى يحين موعد الأذان، وفى ذلك الوقت لم يكن بالقرية ــ كما هو اليوم ــ تلفزيون او راديو او حتى ميكرفون لعدم وجود الكهرباء وكانت الفوانيس تضاء بالشموع لكن من يحصل على هذه الشموع ؟
وما ان ينطلق الاذان حتى ينطلق جميع الاطفال فى دروب القرية، ونغنى (افطر يا صايم ع الكحك العايم)، ومعناها أن يفطر الصائم بالكعك العائم فى السمن البلدى. رغم أنه لم يكن هناك كعك ولا سمن بلدى لكنها اغنية متوارثة من زمن بعيد وكانت القرية تفطر على اصواتنا وليس على أذان الشيخ رفاعى، لذلك مازلت اتذكر هذه القصة دائما عندما يحل الشهر الكريم كل عام.
في مثل هذا اليوم عام 1938 ولد الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودى الذى لقب ب "الخال " بأبنود محافظة قنا،كتب الاشعار والاغانى الوطنية والسياسية والعاطفية، وكانت أولى الأغانى التى كتبها:تحت الشجر يا وهيبة، عدوية التى غناها محمد رشدى ولحنها بليغ حمدى وأغنية (بالسلامة يا حبيبى بالسلامة) التى غنتها نجاح سلام لتبدأ بعدها انطلاقته الفنية فى عالم الشعر وكتابة الأغاني.
ايامى الحلوة
عن نشأته قال الأبنودي في كتابه " أيامي الحلوة ": أنا ابن الفلاح المصرى الذى كان يغنى تحت الشواديف ووراء السواقى، وابن فاطمة قنديل التى كانت حين تنفرد بنفسها فى البيت أو تطحن الحبوب بالرحى تغنى تلك المراثى الرائعة، أمى فاطمة قنديل هى ملهمتى ومعلمى الأول التى أرضعتنى الأشعار والطقوس والأغنيات والتراث فأصبحت صوت الفقراء، ولولا عشقى للغناء منذ صغرى ماكتبت الاغانى، والغناء اساسه انى سمعت غناء قريتى كويس وتربيت على السيرة الشعبية، وانا حقيقة مغرم وصاحب تجربة طويلة فى الاغنية القصصية وفى الموال القصصى، وحاولت أن اغير لهجتى الصعيدية كثيرا واتكلم بشياكة لكن سرعان ما يمد الصعيد يده ويأخذنى.
كاتب الاغانى
واضاف الابنودى:بعد نجاح هذه الأغاني راح المغنون والملحنون يبحثون عنى فى المقاهى ومنتديات الأدباء خاصة بعد أن نشر لى الشاعر الفنان صلاح جاهين أولى قصائدى فى مجلة صباح الخير.