في ذكرى رحيله.. قصة خلاف صلاح جاهين مع والده بسبب كلية الحقوق
يتميز عن مبدعى عصره، هو الفنان الشامل، موهوب بطبيعته فنان ورسام كاريكاتير وصحفى وشاعر وكاتب سيناريو وحوار وممثل، هو ظاهرة شعبية مصرية تشع عبقرية ووطنية.. يتمتع الفنان صلاح جاهين ـ رحل في مثل هذا اليوم 21 أبريل 1986 ـ بفكاهة راقية ونافذة، عشق الجماهير فبادلته الجماهير هذا العشق بسبب إبداعه المتميز ومشاعره الفياضة بالثورية وحب الوطن.
ولد محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمى الشهير بصلاح جاهين عام 1930، في المنزل رقم 12 بشارع جميل باشا بشبرا، وجده المجاهد الوطنى أحمد حلمى رفيق الزعيم مصطفى كامل ومحمد فريد في كفاحه، عمل وكيلا للنيابة وقاضيا، واعتقل عدة مرات.
الاتجاه الى الرسم
تنقل صلاح جاهين بين المحافظات بحكم طبيعة عمل والده في القضاء فحصل على الابتدائية من أسيوط وعلى الثقافة من قنا والتوجيهية من طنطا ليلتحق بكلية الحقوق تحقيقا لرغبة والده، وبعد مضي ثلاث سنوات في الحقوق تيقن صلاح جاهين أن القلم أقوى الأسلحة لمحاربة الظلم ولأن المجتمع به نسبة كبيرة من الأميين فإن الرسم هو الأسهل والأسرع للوصول إلى المتلقى فذهب إلى بيت الفنانين في وكالة الغورى، وأصر أبوه على الحقوق فترك صلاح المنزل إلى بيت عمه في غزة.
في ذلك الوقت قرأ عن اعلان مجلة سعودية عن احتياجها لمخرج صحفى فراسل المجلة ثم ذهب إلى هناك وتم تعيينه منذ اليوم الأول إلى أن جاءته رسالة من والده فيها موافقة على اختيار رغبته المهم أن يعود صلاح الى والديه.
وعاد صلاح جاهين والتحق بالفنون الجميلة وعمل خلال الدراسة مصمما لجريدة بنت النيل وانتقل إلى مجلة التحرير ومنها الى الجمهورية، ثم كانت مجلة روز اليوسف هي المحطة الأساسية في حياته حيث ترك الدراسة بالكلية نهائيا وأصبحت روزا اليوسف هي بيته ومرسمه وملتقى أصدقائه مثل أحمد بهاء الدين ن روزا اليوسف، احسان عبد القدوس، فتحى غانم، صلاح حافظ، حسن فؤاد، كامل زهيرى، ومحمد عودة والرسامين حجازى وعبد السميع وناجى وحاكم.
تولى صلاح جاهين رئاسة تحرير مجلة صباح الخير وعلا نجمه كرسام وشاعر وكاتب اغنية ومنحه الرئيس جمال عبد الناصر وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرا لرسوماته وأشعاره.
وفى عام 1967 دعاه الكاتب محمد حسنين هيكل لرسم الكاريكاتير بالاهرام التي يرأس مجلس إدارتها ليستمر رساما فيها أكثر من عشرين عاما حتى الرحيل بعد معاناة شديدة مع المرض لمدة عامين عام 1986.
رغم احزانه كان الساخر الأعظم، ورغم شجنه كان ملك ملوك الضحك سواء فى الرسم أو فى الشعر، ومازالت ابتساماته كامنة فى نفوسنا تظهر مع نسمات الربيع المبهجة، ومن خلال رباعياته الخالدة التى شكلت وجداننا.
قصيدة الشاى واللبن
بدأ مشواره الشعرى عام 1955 بقصيدة "الشاى واللبن"، ثم واصل رحلته الشعرية التى أثمرت ستة دواوين منها: كلمة سلام، موال عشاق القنال،عن القمر والطين، وفى عام 1962 أصدر الرباعيات وتضم 100 رباعية يتحدث فيها عن الميلاد والحياة والحزن والموت والصبر والخوف، وغيرها من الأمور الحياتية، كما أصدر عام 1966 ديوان "أنغام سبتمبرية"، وتبلغ 28 قصيدة.
اربعة افلام فقط
أما مشواره السينمائى فهو عبارة عن أربعة أفلام؛ تمثيل، وكتابة سيناريو لثلاثة أفلام، كما قدم للمسرح مجموعة من الأوبريتات أشهرها: الليلة الكبيرة، إلى جانب العديد من الأغنيات الوطنية والعاطفية، وكان أولها أغنية (أنا هنا يابن الحلال)، التى غنتها صباح كما قدم الفوازير.
عن عمله بالرسم والكتابة يقول صلاح جاهين: إلى جانب الرسم كنت أحب الصحافة وكنت عايش وسط الصحفيين ومنهم أحمد بهاء الدين ومصطفى محمود، رخا، بهجت، طوغان، وكنت أعمل في توضيب الصفحات ورسمها، ولأنى كنت دارس فنون بدأت أزين الصفحات التي أوضبها ببعض الرسوم، ولأنى كسول كنت أرسم الصفحات والرسومات في آخر لحظة بسرعة فطلعت كاريكاتير.
واضاف: على اسم مصر.. مصر النسيم.. ترن من تاني نفس النبرة في وداني.. مصر التلات أحرف الساكنة اللي شاحنة ضجيج.. مصر اللي عمر الجبرتي لم عرف لها عمر"، قصائد نظمها صلاح جاهين في حب مصر في الحقبة الناصرية، وصدحت بها الصحف، وتغنى بها الكثير من المواطنين والنخبة، وشكلت وجدانا باقي في عمر الأمة المصرية.