"المهرولون والمجاذيب".. دراويش الصوفية في رحاب السيد البدوى
في مدينة طنطا قلب وعاصمة محافظة الغربية وبالتحديد مسجد السيد البدوى نجدهم هم بمثابة العمود الفقري للحدث، فهم الصانعون المبدعون المجددون المثبتون للعادات والطقوس، فلا تخلو ذكرى إلا بوجودهم ، ولايقام الحدث من الأساس إلا بهم ، تجدهم ينسلون مهرولين من كل فج وناحية، رجالا ونساء أطفالا وشبابا، صغيرهم وكبيرهم قويهم وضعيفهم، كلً منهم له غايته وأسبابه التي جاء من أجلها.
حين تناظرهم تجد قلوبهم تتحدث قبل وجوههم وألسنتهم، ناهيك عن البريق الذي تبعث به الأعين وكأنها لغريق يتعلق بـطوق النجاة.. إنهم مجاذيب آل البيت وقاصدو الأولياء وأصحاب الكرامات.
هنا ليلة شيخ العرب مُنالها ركعتين في رحاب المقام ومناجاة الأولياء والصالحين مع وصلة ذكر بخيمة المشايخ التي إن تبسم لك الحظ وتمكنت من الوقوف بها تكون قد فزت فوزًا عظيمًا
في تلك الأيام نهاية شهر مايو من كل عام تهل علينا هنا في مدينة طنطا نسمات الاحتفال بالمولد الرجبي أو المولد الصغير لأحد أقطاب الحقيقة لدى الصوفية، وسواء اتفقنا أو اختلفنا فهو يعد فرحة كبيرة للمصريين عامة ولمحبي ورواد آل البيت خاصة .
هرول المئات من الأهالي خاصة المتصوفة فى الأيام الماضية إلى مدينة طنطا من أجل حضور مولد السيد البدوى أحد أشهر أئمة الصوفية.
مظهر الخيام والأنوار تعلو المنازل والشوارع المحيطة بالمسجد الأحمدى حيث مقام السيد البدوى..زحام متواصل علي مدار أسبوع كامل حتي الليلة الختامية حيث آلاف المريدين الذين تكتظ بهم شوارع المدينة على بكرة أبيها.
ولمن لا يعرف البدوى فهو أحمد بن على بن إبراهيم بن محمد بن أبو بكر ينتهى نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي حفيد المصطفي صلوات الله وتسليماته عليه.
ولد البدوى بزقاق الحجر فى فاس (المغرب)٥٩٦هجرية وكان له ٧ أخوة هو سادسهم.
ألقابه: البدوى وشيخ العرب والملثم والسطوحى وشيخ العرب والسيد وأبو الفتيان والعيسوى وأبو فراج وأبو العباس والقدوسى والصامت وجياب الأسرى والعطاب ومحرش الحرب والزاهد.
نزح أجداد "شيخ العرب" من الحجاز إلى فاس أيام الحجاج بن يوسف الثقفى.
لبس الخرقة فى فاس على يد الشيخ عبد الجليل النيسابورى ولبسها شقيقه الأكبرحسن.
حفظ القرآن وعمره ٧ سنوات وتفقه على المذهب المالكى وفى مكة انتسب للمذهب الشافعى وحج وعمره ١١ سنة.
رحل مع أبويه إلى مكة أقاموا فيها ٥ سنوات ومروا بمصر وأقاموا فيها عامين بين (العريش والإسكندرية).
أخذ التصوف على طريقة الفضيل بن عياض.
توفى والده وبعده شقيقه محمد ولم يبقَ سوى حسن الذى تولى رعايته.
عكف على العبادة واعتزل الناس وكان (ملثمًا) يتحدث بالإشارة.
كان يتعبد بمغارة فى جبل أبى قبيس قرب مكة.
ولما بلغ 38 سنة رحل مع أخيه إلى العراق وتأثر فكريًا بطريقة سيدى أحمد الرفاعى.
عاد إلى مكة وبعد عام واحد رحل إلى مصر وتحديدًا إلى "طندتا" المسمي القديم لمدينة طنطا لتكون موطن انتشار طريقته.
نزل طنطا فى 14 ربيع الأول ٦٦٣ه وحل بمنزل التاجر «ركن الدين» ويقال الشيخ ركين وكان قد بشره بذلك الشيخ سالم المغربى دفين طنطا، ولما مات نزل فوق سطح دار ابن شُحيط شيخ البلد آنذاك بسفح التل حتى مات.
أخذ عن سيدى الرفاعى التدريس على السطح وسمى أتباعه السطوحية ولازم السطح 12 سنة.
تنسب إليه الطريقة الأحمدية أو البدوية.
كانت إقامته قرب مسجد البوصة يُعرف الآن (بمسجد البهى).
كان يمكث أكثر من 40 يومًا لا يأكل ولا يشرب ولا ينام.
وفى طنطا ربى رجال شاركوا فى قتال حملة لويس التاسع الصليبية.
تلاميذه: سيدى (عبد العال وشقيقه عبد المجيد.. وسالم.. وإبراهيم.. وعبد الوهاب الجوهرى.. وقمر الدولة.. وسالم المغربى.. وعبد العظيم الراعى.. ومحمد الفران).
مؤلفاته: مجموعة صلوات جمعت فى رسالة (فتح الرحمن) و(وصايا موجهة لسيدى عبد العال) وكتاب (الأخبار فى حل ألفاظ غاية الاختصار) وهو كتاب فقهى على المذهب الشافعى وتنسب له صلاتان وحزبان.
لم يعثر له على كتابات سوى مخطوطات قليلة منسوبة إليه وكان الظاهر بيبرس يزوره.
وفاته: توفى البدوى يوم الثلاثاء 12 ربيع الأول ودُفن بدار ابن شحيط بسفح التل.
خلفه سيدى عبد العال الذى بنى زاوية على شكل (خلوة) بجوار القبر ولما مات دفن بجوار شيخه ومعهما سيدى مجاهد.
تحولت الزاوية لمسجد فى عهد قايتباى ثم وسع على بك الكبير المسجد وبنى القباب الثلاث.
صنع محمد بك أبو الدهب (المقصورة) الحالية وأنشأ المسجد الحالى عباس باشا ملك مصر وزخرفه الخديوى عباس حلمى الثانى وتم توسعته فى عهد السادات ومبارك.
يُقام للسيد البدوى احتفالان سنويًا الأول فى النصف الثاني من (مايو) يُسمى ( المولد الرجبى أو رجبية السيد البدوى وهى ذكرى تُنسب لتاجر كبير يسمى رجب العسيلى كان يقوم بعمل كسوة للمقام جديدة ويحملها على (جمل) فى (موكب) كبير إلى أن تصل لمقام سيدى أحمد البدوى.
والثانى الاحتفال الكبير بمولده فى أكتوبر ويُعد أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر يشارك فيه الملايين.