رئيس التحرير
عصام كامل

الجرى وراء الفيدرالى الأمريكى!

للمرة الثانية هذا العام يقرر البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة  بمعدل ٢٠٠ نقطة مقابل ١٠٠ نقطة في المرة الأولى التى رفعها في شهر مارس الماضي.. وفي كلا المرتين إتخذ المركزى المصرى قراره برفع  سعر الفائدة بعد أن أقدم البنك الفيدرالى (المركزى) الأمريكى على رفع سعر الفائدة.. المرة الأولى فعلها المركزى المصرى في اجتماع استثنائى والمرة الثانية فعلها في اجتماعه العادى المقرر سلفا.. والسؤال الذى يفرض نفسه هنا هو: هل نظل نجرى وراء الفيدرالى الأمريكى هكذا على هذا المنوال الذى شاهدناه منذ شهر مارس الماضى؟

 تضخم مستورد 


وأهمية السؤال تكمن في أن الفيدرالى الأمريكى ينوى رفع سعر الفائدة هذا العام أربعة مرات أخرى كما أعلن مسبقا، فضلا عن إننا نرفع سعر الفائدة بنسبة أكبر من النسبة التى يرفعها بها الفيدرالى الأمريكى.. وإذا كان رفع سعر الفائدةَ يعد أداة مهمة من أدوات البنوك المركزية في العالم للسيطرة على التضخم وبالتالى يفيد في كبح جماح إرتفاع الأسعار من خلال تقليص السيولة النقدية لدى المستهلكين، فإنه في ذات الوقت له أثاره الجانبية والتى تتمثل في زيادة تكلفة الإقراض، وبالتالى تكلفة الاستثمار فتقل ويصاب الاقتصاد بالانكماش.. 

 

وفي حالتنا فإن المقترض الاكبر من الجهاز المصرفى هى الحكومة، ورفع سعر الفائدة بزيد من أعباء الديون عليها، وهى أعباء أصلا ضخمة وهى تنوء بحملها الآن وتستقطع قدرا كبيرا من مواردها لسداد هذه الأعباء. 


وفوق ذلك كله فإن رفع سعر الفائدة يكون فعالأ إذا كان سبب التضخم داخلى ويتمثل في زيادة الطلب على العرض في الأسواق.. لكن التضخم الذى نواجهه الآن تطغى أسبابه الخارجية على الداخلية، أى هو تضخم في الأساس مستورد من الخارج وتقليص السيولة الداخلية بالتالى لا يفيد كثيرا في مواجهته، بينما سوف يتبقى لنا آثاره الجانبية السلبية على الحكومة والاستثمار. 

 


أما الرهان على إستعادة الأموال الساخنة برفع سعر الفائدة فهو إحتمال ضئيل الآن في ظل اتجاه هذه الأموال لمغادرة الأسواق الناشئة ونحن منها، وبينما خرج من عندنا نحو ٢٠ مليار دولار من هذه الأموال في الشهور الأخيرة كما قال نحافظ البنك المركزى لم يأتِ لنا أية أموال جديدة حتى بعد أن رفعنا سعر الفائدة في مارس الماضي.. ولذلك يجب أن تتم دراسة كل هذه المتغيرات والاعتبارات في اجتماع المركزى المصرى الخاص بمراجعة أسعار الفائدة قبل الأقدام على أى خطوة في هذا الصدد. 

الجريدة الرسمية