مقايضة بوتين!
فى الوقت الذى تبدو فيه أمريكا تراهن على أن ترهق العقوبات الاقتصادية روسيا وتجبر رئيسها على التنازل في أوكرانيا وسحب قواته من أراضيها والتوقف عن ضمها للأراضى الروسية، فقد فاجأ الأمين العام للأمم المتحدة بتقديم عرض لروسيا يقايضها فيه على أن تفك الحصار الذى فرضته قواتها على صادرات القمح الأوكرانية مقابل إلغاء بعض العقوبات الاقتصادية عليها والخاصة بتصدير الحبوب والأسمدة وذلك لإنقاذ العالم من أزمة غذاء حادة بدأت تلوح في الأفق ولا تقتصر فقط على ارتفاع أسعار سلع غذائية مهمة وإنما شُح المعروض منها أيضا..
جدوى العقوبات
وبإلغاء هذه العقوبات المتعلقة بتصدير روسيا للحبوب والأسمدة يمكن القول إن فاعلية العقوبات الاقتصادية على روسيا تراجعت كثيرا، خاصة وأن أمريكا لم تتمكن من فرض عقوبات أوروبية على صادرات الغاز والنفط الروسي، بل ووافق المزيد من الدول الأوروبية على الشروط الروسية لتصدير الغاز لها بالروبل، وأيضًا بعد أن أخفقت أمريكا في فرض حصار مصرفى على روسيا، وهو ما ساعد الروبل على الصعود مؤخرا!
هنا يستحق الأمر التوقف أمام جدوى سياسة العقوبات الاقتصادية التى تنتهجها أمريكا وجرت وراءها فيها أوروبا.. فهذه العقوبات لا تضر من توجه ضده فقط وإنما تضر أيضا من يقوم بها.. بل لعلها تضر العالم كله الذى بدأ يعانى بشدة من موجة تضخم عاتية يصاحبها ركود حاد أيضا ونقص شديد في احتياجاته الأساسية والضرورية وعلى رأسها احتياجاته الغذائية وارتفاع لا يتوقف في أسعار الطاقة.. لكن لأن أمريكا ماضية في سياستها لإخضاع روسيا مازالت حتى الآن لا تكترث بكل الذى يحدث للعالم كله وطالها أيضا وأخذ مواطنوها يشكون من آثارها خاصة أسعار البنزين وتكلفة الطاقة..
بل إن أمريكا تتمادى كثيرا فى جهودها ليس فقط لإطالة أمد الحرب الأوكرانية وإنما لحصار روسيا عسكريا بعد أن اكتشفت أن حصارها اقتصاديا لا يكفى لعدم القدرة الاوروبية بل والعالمية على إتمامه بشكل صارم، وإنما لحصار روسيا عسكريا وذلك بتشجيع فنلندا والسويد على الانضمام لحلف الناتو الذى كان سعى أوكرانيا له سبب اقتحام القوات الروسية لأراضيها.. وهذا لن يدفع ثمنه الاوروبيون فقط وإنما العالم كله من إستقراره وسلامة اقتصاده.