نذر مشئومة فى الجو السياسي!
كلمة الجو في الاستعمال المصرى اليومي تتنوع حسب الحقب والأجيال، ولها مدلول عاطفى لجيل السبعينيات، فالجو وقتها كان يعني الطرف الثاني في العلاقة العاطفية، وصار بديلها الآن ذلك اللفظ الفج الوقح: المز والمزة!
لكن الجو اليوم في مصر ٢٠٢٢، صار مرتبطا بحالة البرد الشديد أو الحر الشديد أو البرد والحر في اليوم الواحد نفسه.. وحتى داخل الفرد الواحد في يوم واحد، وهذا من أعاجيب التغير ليس فقط المناخي، بل التغيرات العنيفة داخل البنية النفسية للمجتمع.
المجتمع المصرى يتعرض لأجواء شديدة التقلب، حتى قصمت وقسمت تركيبته النفسية، وكما هو سهل رد الشيء لأصله في التغيرات الجوية المناخية من برد وعواصف وحر ورطوبة وخنقة روح، فإن من السهل رد الشيء لأصله في الحالة الجوية النفسية للمصريين هذه الأيام. هل هو الغلاء الفاحش الذي يضربنا ضرب العبيد المستذلين كل يوم؟
هل هو الاحتقان المتضاعف نتيجة إصرار الدولة على وجوه كالحة شائهة ذات حناجر منفرة وعقول بلا ثقافة، وإن تثقفت فلإرضاء ممول يدعوهم لضرب الدين وزعزعة العقيدة، وجوه وعقول ثبتت نفعيتها وثبت ضلالها الوطنى، وتوجهاتها المضادة لمؤسسات الوطن، لكنهم الآن هم الوعاظ وهم الأئمة وهم الموجهون الفاهمون العارفون المتصلون الواصلون المكتنزون؟ أهو الشعور بأنه لا جدوى. ليس ثمة أمل؟
إحباط وشائعات
الإحباط يأخذ بخناق الجميع. لا أدعو إليه قط. لكنى أرصد روحا مخنوقة، صدورا تمتلئ ببخار يتفاعل. الجو السياسي تعكر. زعل الناس لا يمكن إنكاره. الإصرار على استخدام خدم خدموا أعداء الدولة يجعل قدرة ومصداقية هؤلاء الخدامين بلا فعالية. ويلقي بكم هائل من الأسئلة والاستفهامات في عب الدولة.
لم يتجاوز الناس بعد صدمة أن يفطر على المائدة الرئاسية مخرج سيناريو الفوضي، ولا يصدق الناس أن هذا الذي فضح فتاتين وجرسهما وقضي على شرفهما ينال شرف الإفطار الرئاسي.. ولا يصدق الناس أن من سب وشتم ودعا إلى تقويض الدولة يلقون الحفاوة، ويستدعون إلى الحوار.
سأقولها وكلى صدق، منزها عن أي هوى، وكلي خوف على بلدي الأغلى علي من روحي، إن استدعاء هؤلاء الضالين هو إعادة إنتاج للمشهد السياسي الفوضوى الذي سبق الخامس والعشرين من ينايرالأسود، هم صانعوه، ثم هم رموزه بعد تخريب الوطن والعمالة للأجانب!
الجو السياسي الحالي يسمح للصيد في المياه العكرة للأزمة الاقتصادية العالمية، ولها تأثيرات طاحنة علينا كدولة وموارد وأفراد ودخول محدودة، الإ من توهجت وجوههم بالنعمة الطارئة من منتفعي جريمة ٢٥يناير. كم هائل متدفق كالسيل من الشائعات، موجة إثر موجة، للأسف تلقى نزوعا للاستماع، تلقى قابلية للتصديق، وبالرغم من النفى الحكومى المتكرر، إلا أن رغبة الناس فى التصديق أعلى من تلال الكذب في الشائعة المرسلة.. لماذا؟ يفعلون ذلك رفضا للواقع ولإعلام رموز فيه ليسوا أرقى من الشبهات!
بث الروح فى مرتزقة يناير وما تلاه صرف الصادقين عن ثباتهم.. وألقى بهم في ركن اليأس! الحوار يكون مع من صان الوطن وضحى من أجله لا من باعه وعرض شرفه للتلوث.. الجو السياسي يحمل غبار أصفر تتراكم حبيباته، ندعوا الله ألا يعصف بنا جميعا. ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد..