حوار لله!
يبدو الإخوان الآن وكأنهم يتسولون حوارا مع الحكم في مصر يفضى في نهاية المطاف إلى مصالحة معهم تعيد جماعتهم إلى الحياة مجددا بعد إخراج قادتهم من السجون التى يقضون فيها أحكاما عديدة على ما اقترفوه من جرائم عنف في السنوات الأخيرة.. ولعل ذلك هو الأمر الوحيد الذى يتفق عليه الإخوان الآن.. إخوان لندن وإخوان أنقرة وأيضًا إخوان السجون، رغم حدة الخلافات بينهم والتى جعلت للجماعة مرشدين ومكتبين للإرشاد ومجلسين للشورى وخزانتين للأموال التى لا يتوقفون عن جمعها لتمويل أنشطتهم المختلفة!
والمثير أنه في الوقت الذى يتسول فيه الإخوان الحوار مع الحكم في مصر ولا يجدون استجابة فإنهم يضعون شروطا لهذا الحوار! وهم أيضا يتفقون رغم خلافاتهم في هذه الشروط! وفي ذات الوقت يهاجمون القوى المدنية التى قبلت بالحوار الوطنى الذى دعا إليه الرئيس السيسى! وكل ذلك يعكس حالة الوهن والتخبط وإنعدام الرؤية التى يعيش فيها الإخوان الآن، والتى زادت حدتها بعد رفض كل الذين قبلوا بدعوة الحوار الوطنى مشاركة الإخوان فيه.. فهم ليسوا مرفوضين شعبيا وليس رسميا فقط بعد أن تورطوا في ممارسة عنف ممنهج ومخطط، ورفضوا الاستجابة لدعوات الانخراط في العمل السياسى السلمى، بل والمشاركة في حكومة الدكتور حازم الببلاوى بعد الثلاثين من يونيو!
لقد أخطأ الإخوان حينما تصوروا أنهم يمكن أن يحصلوا على ما كان معروضا عليهم قبل نحو تسعة أعوام مضت وسبق أن رفضوه، لآن الأوضاع قد تغيرت والأحوال قد تبدلت ولم يعد أحد من القوى المدنية يعتبر جماعتهم إحدى القوى الوطنية، كما كان الحال في يناير ٢٠١١، وإنما تعد الآن بالنسبة لهم جماعة إرهابية تورطت في القتل والتدمير والتخريب والعنف، ولا سبيل للتعامل معهم إلا إنفاذ القانون عليهم لعقابهم على ما اقترفوه من جرائم عنف مازال المصريون يتذكرونها ولم تنسيهم إياها التحديات الجديدة التى واجهوها.
