أسعار السلع بعد توفيرها
لا يجادل أحد أن هناك جهد بذله من يديرون اقتصادنا الوطنى في توفير السلع الضرورية والأساسية خاصة الغذائية في الأسواق، ليس اليوم بعد إندلاع الحرب الأوكرانية، وإنما منذ أكثر من عامين بعد اندلاع جائحة كورونا التي أشاعت الإضطراب في سلاسل إمدادات السلع.. وحتى بعد أن ظهر نقص في بعض السلع الوسيطة وقطع الغيار ومستلزمات الإنتاج أصدر الرئيس السيسى توجيهاته باستثناءها من الإجراءات الجديدة التى أقرها البنك المركزى للإستيراد من الخارج، والتى تقضى بفتح الاعتمادات المستندية اللازمة، أى بتدبير المستورد ثمن السلع التى يستوردها كاملا.
فقد كان ثمة حرص من قبل الحكومة على الاحتفاظ باحتياطيات مناسبة من السلع الأساسية والضرورية تكفي لاحتياجات المستهلكين لنحو ستة أشهر.. ولذلك ظلت أسواقنا منتظمة ولا تعانى من أية اختناقات، ولم تلجأ الحكومة كما فعلت حكومات دول أخرى إلى تقييد الشراء في الأسواق، خاصة للسلع الغذائية.. ولم تعانى أسواقنا من أية مشاكل مثلما عانت أسواق العديد من الدول حتى في أوروبا.
لكن المشكلة التي يعاني منها المستهلكون المصريون هي مشكلة إرتفاع أسعار السلع، بما فيها السلع الغذائية التى ننتجها داخل بلدنا ولا نستوردها من الخارج.. وكل بيانات جهاز التعبئة والإحصاء والبنك المركزى تبين اتجاه معدل التضخم للارتفاع في شهر إبريل الماضي.. وإذا كان المستهلكون لا يحتاجون الآن لمن يطمأنهم على توفر السلع الضرورية في الأسواق، لأنهم خبروا ذلك من خلال تعاملهم اليومى في الأسواق، فإنهم يحتاجون لمن يصارحهم حول أمر هذا التضخم، وإلى متى سوف يتحملونه، ومتى يبدأ في التراجع.
نعم لقد استبقت الحكومة إرتفاع معدل التضخم الحادث الآن بتبكير زيادة العلاوات للموظفين وأصحاب المعاشات منذ شهر إبريل الماضى، لكن زيادة الأسعار كبيرة ومستمرة، وهناك من يتحدثون الآن إنه أمر قد يستمر حتى نهاية العام الحالي، وآخرون يتوقعون إستمرارها في العام المقبل أيضا.. ويتعين على من يديرون اقتصادنا الوطنى مكاشفة عموم الناس بحقيقة الأمر حتى يفهمون ماذا يواجهون.