عيد استشهاد القديس مارمرقس الرسول
تعيد كنيستنا القبطية الأرثوذكسية كل عام يوم 30 برمودة من الشهر القبطى، بعيد استشهاد القديس مارمرقس الرسول كاروز الديار المصرية، بالإيمان المسيحي لأجدادنا المصريين الأقباط، فقبل أجدادنا المصريين، الإيمان فى حياتهم وعاشوا هذا الإيمان، واستلموه، أكليروسًا وشعبًا، وغير حياتهم، وأصبحوا من شعب الله وعباده، بدلًا من العبادة الخاطئة، والألهة الوثنية.
ومنذ ذلك التاريخ، ولأجل هذه الأسباب، استشهد القديس مارمرقس الرسول على يد الوثنيين في مدينة الأسكندرية، بدافع وتحريض من إبليس وأعوانه. ومن هنا تنسب كنيستنا، وإيمانها الأرثوذكسي، وتأسيسها الروحي إلى السيد المسيح له المجد، وإلى القديس العظيم البتول مارمرقس الرسول الإنجيلي والشهيد.
قد بدأ مارمرقس الرسول كرازته بعد أن نمى في ربوع أورشليم وتبع السيد المسيح في كل خطواته وكذلك مريم أمه تبعت المخلص وفتحت بيتها للرب وتلاميذه وفي هذا البيت أكل المسيح الفصح وأيضًا غسل أرجل تلاميذه وفيه أجتمع التلاميذ أثناء آلام المسيح وموته لخوفهم من اليهود وفيه حل الروح القدس عليهم وتكلموا بالسنة ولغات متعددة، فقد صار بيتها -العليقة- أول كنيسة في العالم المسيحي.
سافر مرقس الرسول مع بطرس الرسول للكرازة فى أماكن متعددة فى اليهودية ولبنان وأنطاكية حتى عام 45 ميلادية، ثم كمل كرازته مع القديس بولس وبرنابا في قبرص ثم تركهما وعاد إلى بيته في أورشليم سنة 51 ميلادية ثم سافر مرة أخرى إلى إنطاكية بعد مجمع أورشليم، ثم قصد مارمرقس الرسول منفردًا إلى الخمس مدن الغربية شمال أفريقيا مسقط رأسه للتبشير بكلام السيد المسيح له المجد..
أول مدرسة لاهوتية
ومعروف أن مرقس هو أحد الرسل السبعين وهو أحد الأنجيليين الأربعة، كما أنه وضع صيغة القداس الذى عرف فيما بعد بالقداس الكيرلسي.. وأثناء كرازته كانت تجري على يديه كثير من عجائب ومعجزات كثيرة مما جذب إليه كثيرين من الشعوب، ثم اتجه بعد ذلك إلى عاصمة مصر، لأنها كانت العاصمة الثقافية للعالم كله في ذلك الحين. وكان مرقس الرسول يتحدث بثلاث لغات.
دخل مارمرقس مصر من بابها الشرقي بمدينة الإسكندرية سنة 60 ميلادية، قادمًا من بلدته "أبرياتوس بالقيروان" التي تقع في إقليم ليبيا مسقط رأسه، ومنها إلى أورشليم ثم إلى بلادنا العزيزة مصر. ويروي لنا التاريخ قصة قبول “أنيانوس الإسكافي” الإيمان المسيحي كأول مصري بالإسكندرية يقبل المسيحية على يد الكاروز، فآمن الإسكافي هو وأهل بيته بعد أن شفاه مارمرقس الرسول عندما نفذ المخزار في يده وهو يصلح حذاؤه الذى مزق من السير على أقدامه مسافات طويلة..
فصراخ الإسكافي بصوت عالي (أيس ثيئوس أي يا الله الواحد) ثم بشر به وهو لايعرفه، فآمن الإسكافي بكلام القديس ودعاه إلى بيته بعد أن صنع معه معجزة شفاء يديه، وبادره القديس عن سبب صراخه باسم الله الواحد وتحدث القديس معه عن السيد المسيح الذى بأسمه حدثت المعجزة وشفيت يده، ففرح الإسكافي بكلمات القديس ودعاه إلى بيته، وعمل وليمة كبيرة له من أهله وأقاربه وأصدقائه فحدثهم مارمرقس الرسول في زيارته عن السيد المسيح المخلص فالجميع آمن، فعمدهم على أسم المسيح فكانوا هم باكورة المؤمنين فى مصر كلها..
وتم بناء هذا البيت كنيسة فيما بعد على أسم الشهيد العظيم مارجرجس بالإسكندرية، وأقام مارمرقس الرسول إينانيوس أسقفًا لمدينة الأسكندرية خلفًا له ورسم معه ثلاثة قسوسًا وسبعة شمامسة عام 62 ميلادية، وثبت المؤمنين على إيمانهم بالمسيح وشيد أول كنيسة بالإسكندرية التي صارت فيما بعد على اسمه..
وأسس أول مدرسة لاهوتية لمواجهة الفكر الوثنى، ثم هاجوا عليه الوثنيين بعد نجاح بشارته وحنقوا عليه وراحوا يتربصون به ليفتكوا به بما يدبرون له خطة القتل، فأضطر مارمرقس الرسول أن يترك مدينة الأسكندرية ليذهب إلى الخمس مدن الغربية -برقة بليبيا- ومنها إلى روما ثم عاد إلى مصر سنة 65 ميلادية ليتابع رسالته التبشرية التى بدأها وكتب أنجلية والقداس الإلهى وليستشهد على اسم المسيح عام 68 ميلادية على يد الوثنيين فقد نال إكاليل الشهادة والبتولية والرسولية في 30 برمودة بالتقويم المصري القديم، وكان يبلغ من العمر 58 عامًا.
وصلى عليه خليفته القديس إنيانوس مع الإكليروس وكل الشعب المؤمن بمدينة الأسكندرية ودفنوه في قبر جديد تم نحتوه داخل الكنيسة التي أسسها بنفسه، التي صارت مقر الكرسي المرقسي الرسولي ويعتبر القديس مرقس الملقب بكاروز الديار المصرية لأنه صاحب البشارة بالمسيحية فى كل ربوع مصر ولقبت الكنيسة بأسمه لقب الكرازة المرقسية نسبة له فقد صار أول باباوات الإسكندرية والكرازة المرقسية.