علموا أولادكم كراهية إسرائيل
لم يكن المشهد جديدًا ولم يكن مملًا ولا عاديًا رغم تكراره.. دفقة من جنود مدججين بأسلحة ضخمة وأزياء تشبه الذين يواجهون حربًا كيماوية.. يطاردون شابًا فى مقتبل العمر. رشاقة الشاب تكاد تهزم المجموعة التى ترغب فى حصاره.. يتقافز الشاب وزملاء له هنا وهناك يفعلون وبنفس الوتيرة فعلة الشاب الراغب فى الهرب من جيش الجنود.
يسقط واحد منهم على الأرض وعلى رأسه ضربات متتالية بالعصى وأطراف البنادق التي يحملونها.. الشاب لا يزال يقاوم، ومن خلفه يحاول زملاء له تخفيف العبء عنه دون جدوى. يتكرر المشهد، وهناك على الطرف الآخر يتحرك شيخ وسيدة عجوز بصعوبة، بينما يدفعهم جندى بلا رحمة فى الاتجاه المعاكس.. يقاوم الرجل المسن دون قدرة على الصمود.. يسقط على الأرض.
الأقصى وكنيسة القيامة
معارك متناثرة هنا وهناك، وباحة الأقصى تعج بمصلين وصلوا إلى غايتهم، بينما تطاردهم بيادات وعصى لنفس الجنود الذين لم تتوقف مطارداتهم للشباب. تنتقل الكاميرا إلى ساحة أخرى من ساحات معارك الجنود ضد المدنيين العزل.. جمعة النور تنتظر الإخوة المسيحيين في كنيسة القيامة.. نفس اللقطات، وذات المشاهد.
شباب تطاردهم قوات الاحتلال وشيوخ وعجائز تمنعهم قوات صهيونية من الوصول إلى كنيسة القيامة.. الاحتلال لا يفرق بين مسلم أو مسيحى.. تلك هي بعض ملامح الأرض المحتلة. قطع علىَّ المتابعة ابنى العائد للتو من عمله.. ألا زلت تتابع هذه المشاهد المرهقة؟ أمرته أن يجلس ويطالع وجوه أهله من المسلمين والمسيحيين هناك فى أرضنا المحتلة.
جلس الشاب الذى بدا أنه يحفظ نفس الأسطوانة التي أرددها عليه فى صورة شبه مكررة: هذه أرضك المحتلة.. أرض عربية لا يزال العدو يعيث فيها فسادًا. وأردفت وأنا أزيد هذه المرة: علم أولادك وعلم أحفادك وعلم أبناء جيرانك أن لنا أرضا اغتصبها محتل غاشم، وسانده غرب فقد ضميره الإنساني.
علم أولادك أن يكرهوا إسرائيل، وأن يعتبروها المعنى الحقيقى للقتل والتدمير.. علموا أولادكم أن المدينة اسمها تل الربيع وليس تل أبيب.. قولوا لهم إن القدس تطلب منا التطهر من دنس الصهاينة المغتصبين.
وقبل أن أكمل حديثى قاطعنى ولدى: ألا ترى عربًا أقاموا حائط مبكى فى بلادهم وصلوا مع اليهود صلاتهم؟! ألا ترى أشقاء يسافرون دعمًا للسياحة فى الكيان المحتل ويلتقطون صورًا مع العدو وكأن دماء أبنائنا ماء؟! ألا ترى أن الواقع يتغير وأن الجيل الجديد قد ينسى أو أنه فى طريق النسيان؟!
قلت: للأرض أصحاب يضربون المثل لنا يوميًا.. الفلسطينى مقاتل.. هناك شاب أو شيخ.. رجل أو امرأة.. طفل أو جنين.. هناك يا بنى أصحاب أرض لم يبيعوا ولن يبيعوا. أما هؤلاء الذين تتحدث عنهم فإنهم كزبد السيل يذهب جفاء.. الذين باعوا وطبعوا ووقعوا وأرادوا لنا الاستسلام لا يملكون حق التوقيع.. لا يملكون لأنفسهم حتى حق الحماية.
كل من طبَّع خان.. وكل من خان سقط.. والتاريخ لا يكتبه خائن ولا ساقط.. التاريخ يكتبه المقاومون الذين يرفضون الاستسلام.. الأهم أن تعلم أولادك وأولاد جيرانك أن مانع المصلين عن الوصول إلى مساجدهم وكنائسهم هو محتل لا بد من إزالته.
علموا أولادكم أن يكرهوا القتلة، وأن يقاوموا سفاكى الدماء.. علموا أولادكم أن خرائط الجغرافيا تخلو من كلمة إسرائيل.. اكتبوا أمامهم فلسطين المحتلة. علموا أولادكم أن يرفضوا وجود مغتصب بيننا.. أن يقاوموا بكل الطرق.. علموهم أن مقاومة المحتل مشروعة بالسلاح وبالقتال وبكل ما يمكننا من تحرير أرضنا.
علموا أولادكم أن بيننا تجارًا وسماسرة.. وأن بيننا جيلًا جديدًا من الصهاينة العرب.. نعم لم تعد الصهيونية حكرًا على من جاءوا بنظريتهم لاحتلال فلسطين.. هذا هو الجيل العربى الصهيونى الأول فلا تتركوهم ينعمون بالهدوء.. قاوموا المحتل الخارجى، وقبل هذا وذاك حرروا بلادكم من الصهيونى العربى!