مقامات ومزارات.. وكيع بن الجراح أستاذ الشافعي وابن حنبل الذي رفض تولي القضاء
تقدم "فيتو"، كل يوم، طوال أيام الشهر الفضيل، في الواحدة ظهرًا، برنامج "مقامات ومزارات"، الذي يعده ويقدمه الكاتب الصحفي محمد أبو المجد، ومن تصوير سيد حسن.
وتتناول حلقة اليوم من البرنامج جوانب مضيئة من حياة محدث أهل العراق وإمامها، الشيخ وكيع بن الجراح.
أستاذ كبار الأئمة
هو أحد أئمة الأثر المشهورين، أستاذ كبار الأئمة أمثال الشافعي وأحمد بن حنبل، عرف بالزهد والورع والتقوى، وهبه الله تعالى نعمة الحفظ والإتقان، فاستغلها فيما ينفع دينه ودنياه، وما زال أثره وعلمه ينتفع به الناس حتى يومنا هذا.
ولد سنة 129 هجرية، ونشأ في بيت علم وتقوى وزعامة، فقد كان والده من كبار أعيان الكوفة وزعمائها، وكان مهتمًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، فوجه ولده وكيعًا في سنوات صباه الأولى إلى طلب العلم وسماع حديث النبي.
أبهر الناس بقوة حفظه
واشتهر الإمام وكيع بن الجراح بالحفظ والإتقان، فقد كان لا يسمع شيئًا إلا حفظه، ولا يحفظ شيئًا قط فينساه، وأبهر الناس بقوة حفظه.
فلما مات أستاذه سفيان الثوري سنة 166 هجرية، جلس وكيع بن الجراح مكان أستاذه في مجلس العلم والدروس.
وعرف الإمام وكيع بالزهد وكثرة التعبد، يكثر من الصوم ويختم القرآن في الأسبوع عدة مرات، وكان شغوفًا بقيام الليل، مواظبًا على الأوراد والأذكار، لا يضيع لحظة من وقته هدرًا، يقسم يومه على نفع نفسه والناس.
رفض منصب القضاء
عرض الخليفة العباسي هارون الرشيد منصب القضاء على وكيع عدة مرات فرفض بشدة، وكان زاهدا عن التقرب من السلطان ومجالسه مثل أستاذه الثوري.
وقال الإمام أحمد بن حنبل عن شيخه وكيع: ما رأيت أحدًا أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع، وما رأيت مثل وكيع في العلم والحفظ والإسناد والأبواب مع خشوعٍ وورع. وقال ابن عمار: ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه ولا أعلم بالحديث منه، وكان جهبذا لا ينظر في كتاب قط، بل يملي من حفظه.