رئيس التحرير
عصام كامل

الاختيار الموازي (٢)

بدأت عمليات فرز الأصوات للمرشحين أحمد شفيق ومحمد مرسي، كنت وزملائي في تغطية مستمرة على الهواء من لجان الفرز، اتصلت بأكثر من مصدر لمعرفة ما يدور في الكواليس، ربما أعرف من الأقرب للفوز لتحضير مواد تليفزيونية عن الفائز تمهيدًا لعرضها بعد إعلان النتيجة، اتصلت ببعض المساندين للفريق شفيق، والذين جمعتني بهم جلسات في منزله أثناء التحضير للانتخابات، الجميع أكد أنه الأقرب للفوز، ثم أكد الإخوان من خلال مؤتمر صحفي أن الدكتور محمد مرسي فاز، لكن الأستاذ مصطفى بكري حسم الأمر بالنسبة لي، فقد كان داعمًا للفريق شفيق، وعندما اتصلت به أكد أن الحرس الجمهوري توجه لمنزل الفريق شفيق لتأمينه لأن النتيجة حسمت لصالحه.

 

أعددنا المواد التليفزيونية الخاصة بالفريق شفيق لعرضها بعد إعلان النتيجة، وانضممنا بإرسال القناة لإرسال التليفزيون المصري لنقل وقائع المؤتمر الصحفي، وطلبت من مخرج التنفيذ أن يكون جاهزًا لعرض تقرير تم إعداده عن الفريق شفيق لعرضه بعد المؤتمر، لكن.. حدث ما لم يكن متوقعًا.

 

فاز الدكتور محمد مرسي، لتعلو هتافات بعض الزملاء فرحًا بالفوز (الله أكبر) فرحًا لأكتشف أنهم كانوا يميلون للإخوان دون أن يفصحوا عن ذلك، ومنهم من هتف لا لأنه يميل للإخوان.. ولكن ليحجز مكانًا في نظام جديد. لم يكن حالنا في القناة استثناء.. فكل القنوات كانت تنقل على الهواء، وفيها هتف من كانوا إخوانًا، ومن أرادوا حجز مكان مع الإخوان.

الجماعة وملف الإعلام

 

خرجت من الكنترول لأقف أمام الإستديو.. لأفاجأ بمذيعين ومعدين ومخرجين يهتفون للدكتور مرسي، ثم خرجت من مجمع الإستديوهات فرأيت أفراحًا في القنوات التي كانت محسوبة على الإخوان، ورأيت مذيعين غيروا وجهتهم إلى قيادات إخوانية، يتحدثون معهم بحميمية، ويؤكدون أنهم كانوا لهم سندًا في الإنتخابات.

 

كان ملف الإعلام من أولويات جماعة الإخوان، وتحول منزل خيرت الشاطر إلى غرفة عمليات، يطلب لقاء شخصيات صحفية معينة ليتحدث معهم عن كيفية إدارة ملف الإعلام، وبعض الصحفيين هم من سعوا للقاء خيرت الشاطر، لأنهم كانوا يعلمون أنه الشخصية الأقوى والأكثر تأثيرًا، وكتبت له السعادة من كان يحظى بلقاء خيرت الشاطر.

 

مجموعة من الصحفيين المحسوبين على جماعة الإخوان برزوا أكثر بعد فوز الدكتور محمد مرسي، وجاهروا بما لم يكن بإستطاعتهم المجاهرة به من قبل، وهؤلاء صاروا الأكثر دلالًا على أصحاب القنوات والمسئولين في الصحف.

 

أصحاب القنوات هموا ببث إعلانات تبارك لجماعة الإخوان على الشاشات، ومنهم من نشر إعلانات في الصحف، ثم بدأوا في استقطاب صحفيين منتمين للإخوان، ولم يكن هناك (الفصال) المعتاد على الأجور، فكان لهم ما طلبوا، وكان لبرامجهم التوقيت الذي اختاروه.

 

أما الصحف الخاصة فلم تكن بمنأى عن هذا التدليل، فهناك أسماء برزت بعد إعلان النتيجة، وتولت مناصب، وفي بعض الصحف الحزبية والقومية كانت مقالات الصحفيين المنتمين للإخوان هي الأبرز.

 

كان هذا هو الحال في مدينة الإنتاج الإعلامي بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسي، السباق على استضافة أعضاء الجماعة في البرامج، واحتفاء غير مسبوق بهم من أصحاب القنوات، في طرقات الاستديوهات تجد الملتحين من إخوان وسلفيين، ولم يعد مهمًا (الإستايل) الذي فرضته بعض القنوات على ضيوفها، فالجلباب صارت له الغلبة، والملتحتون صاروا الأغلبية.

 

 

وما بين المنتمين لجماعة الإخوان والرافضين لها حتى بعد فوزها في الانتخابات.. ظهرت فئة أخرى من الإعلاميين كانت تبحث عن مكان ومكانة، هذه الفئة الأخطر سوف نسلط الضوء عليها في مقال الأسبوع القادم.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية