الشفافية المفقودة

نحن مطالبون بعدم تصديق الأخبار التي تصلنا من الإعلام الخارجي، فهو مغرض ومتربص، كما أنه أداة يحركها المتآمرون على مصر، سوف نسلم بذلك، ولن نصدق ما يأتينا من الخارج، لكن.. هل نجد ضالتنا في الداخل؟ هل نجد من يتحدث إلينا بشفافية ليقطع الطريق على المتآمرين؟

أستقبل يوميًا عشرات الأخبار من بعض المواقع الإخبارية المصرية، وهي خدمة مجانية يقوم بها الزملاء (مشكورين) وقد استوقفني خبر وصلني أمس عن مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في القمة الإسرائيلية التي تجمع وزير الخارجية الأمريكي بوزراء خارجية المغرب والإمارات والبحرين وإسرائيل، وهو حدث متفرد وغير مسبوق لإسرائيل، وانتصار لدبلوماسيتها وفقًا للإعلام العبري، ولأن الإعلان عن مشاركة وزير الخارجية المصري جاء متأخرًا.. قرأت الخبر الذي تلقيته من الموقع المصري، فربما أجد تفسيرًا لتأخر الإعلان عن المشاركة المصرية، أو أجد جدولًا لأعمال (قمة النقب) التي يصفها الإعلام الإسرائيلي بالتاريخية.

فراغ إعلامي

الغريب.. أنني وجدت الموقع المصري كتب الخبر نقلًا عن تويتة كتبها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، والذي عزز التويتة بصور نشرها أثناء إستقباله سامح شكري، ثم أضاف الموقع تفاصيل عن القمة نقلها عن موقع هيئة البث الإسرائيلية (كان) والذي أكد (وفقًا لمسئول إسرائيلي) أن محادثات القمة لن تقتصر على القضية الإيرانية، لكنها تمتد إلى الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الإقتصادية، ثم أكد الموقع المصري أن القمة سوف تتطرق لمناقشة القضية الفلسطينية ( وفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية).

هل من الطبيعي أن ينقل الإعلام المصري خبر مشاركة مصر في قمة كهذه من الإعلام الإسرائيلي؟ وهل طبيعي أن يعرف المواطن المصري تفاصيل صفقات مصرية إماراتية من صحيفة بلومبيرج؟ إذا كان المواطن مطالب بعدم تصديق ما يأتيه من الخارج.. فلماذا نترك فراغًا يملؤه هذا الإعلام ويرفق به تفاصيل تؤجج الرأي العام؟!

منذ سنوات طويلة وأنا أتعجب من البيانات الصحفية التي تصدر عن رئاسة الجمهورية عقب لقاءات الرئيس مع نظرائه من رؤساء الدول، هذه البيانات لو تم تجميعها طوال الثلاثين عامًا الماضية ستجد عنوانها واحدًا قلما تغير (بحث الرئيس مع نظيره سبل تعزيز العلاقات بين البلدين) وربما تتغير (تعزيز) إلى (تعميق) وفي متن الخبر نقرأ معلومات أرشيفية عن تاريخ العلاقات بين البلدين.

انزلوا الشوارع

وزارة المحظوظين

هذه الصحافة ربما كانت تتناسب مع عصور مضت، لكن العصر الحالي يحتاج إلى صحافة جديدة تواكب الثورة المعلوماتية التي أحدثتها التكنولوجيا، فالخبر إن لم أجده في الإعلام المحلي.. سوف يأتيني بضغطة واحدة على زر الهاتف، ليس الخبر فقط.. الخبر مصحوبًا بالتحليل ووجهة نظر كاتبه التي ربما لا تروق للمسئولين.
الشفافية مطلوبة، ومن غير المنطقي أن تمنع عني المعلومة ثم تلومني على تصديق ما يأتيني من الخارج.
besheerhassan7@gmail.com