في ذكرى إلغاء الانتداب.. هكذا أجبر السوريون الفرنسيين على الرحيل من بلادهم
الانتداب الفرنسي على سوريا أو الاستعمار، هو الحالة التي شكلت النظام الأعلى للسياسة والمجتمع في سوريا منذ أن هزمت فرنسا قوات المملكة السورية العربية ضعيفة التسليح والعدد في معركة ميسلون عام 1920، وظلت تتحكم بالبلاد حتى تمام جلاء القوات الفرنسية عن كامل التراب السوري عام 1946، والذي غدا اليوم الوطني السوري
عن تاريخ الانتداب
يمكن تقسيم الانتداب إلى عدة مراحل تاريخية بدءًا من تقسيم البلاد عام 1920 وإخضاعها للحكم المباشر، إلى الوحدة بين دمشق وحلب في الدولة السورية عام 1925، ثم تمخّض الثورة السورية الكبرى عن انتخابات الجمعية التأسيسية التي وضعت دستور عام 1930 الذي أعلنت بموجبه الجمهورية السورية الأولى.
رفض السورين دوما بقاء الاحتلال أشعلوا انتفاضات متتالية، لكن تسبب احتجاجات 1939 وكذلك الحرب العالمية الثانية جعلت الاحتلال يوقف العمل بالدستور ويعيد البلاد للحكم المباشرالتابع له، وخضعت سوريا لحكومة فيشي حتى عام 1941 حيث سيطر عليها الحلفاء، وبعد الحرب العالمية الثانية اندلعت انتفاضة الاستقلال لتحقيق جلاء الفرنسيين عن كامل التراب السوري.
كان المفوض السامي الفرنسي يقيم في بيروت وله صلاحيات مطلقة في التشريع والتعيين، فعيّن موظفون فرنسيون في الوزارات والدوائر الحكومية بوصفهم مستشارين، وأما المحاكم فكانت مختلطة من قضاة سوريين وفرنسيين، وبعد إقرار الدستور تقلصت صلاحيات المفوض الفرنسي.
استفزازت الاحتلال
زاد المفوض الفرنسي في استفزاز السوريين، فلم يعتمد الدستور وينشره إلا بعد أن أضاف مادة تنصّ على "تقييد العمل بأي مادة تخالف صك الانتداب"، وجعل الفرنسية اللغة الرسمية للدولة السورية إلى جانب العربية، وقد ترك الفرنسيون لمساتهم على التنظيم الإداري والعسكري السوري، الذي تأثر لاحقًا خلال عهد الجمهورية الثانية بالتنظيم السوفياتي، كما تركوا آثارًا واضحة في تخطيط المدن السورية وتنظيمها.
لكن السوريون لم يرضوا ببقاء الاحتلال، فقامت احتجاجات في دمشق رفضا لشروط الإستسلام وفق إنذار أرسلته باريس للسلطة السورية الملكية أنذاك بسبب التوترات الدائرة في البلاد والتي تنادي بالمقاومة وعلى أثرها تشكل جيشا صغيرا ضعيف التسليح من جنود شتات ومدنيين لمواجهة جيش فرنسا حديث التسليح والمجهز تجهيزا عسكريا كاملا.
أدت المعركة إلى حصار الفرنسيين مدينة دمشق ودخولهم إياها في اليوم التالي للمعركة أي 25 يوليو. حيث تم إلغاء المملكة السورية العربية وحكومتها وإعادة تثبيت الحكم الفرنسي رسميا، لكن لم يستسلم الشعب وأشتعلت ثورة آخرى وتوترات كبرى انتهت برحيل الاحتلال عن البلاد عام 1946.