رئيس التحرير
عصام كامل

حرب استقطابات.. عنوان الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية بين ماكرون ولوبان

ماكرون ولوبان
ماكرون ولوبان

تستعد فرنسا لجولة جديدة من معركة الحسم في انتخابات الرئاسية والمزمع عقدها في 24 أبريل الجاري بين الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.

 

ايمانويل ماكرون

 

وتحت شعار الاستعداد بكافة الاسلحة لاستقطاب أصوات الناخبين داخل الشارع الفرنسي قصد الرئيس المنتهية ولايته ايمانويل ماكرون الذي تصدّر نتائج الجولة الأولى الأحد حاصدًا 27.85 % من الأصوات، مع أكثر من أربع نقاط من مرشّحة حزب "التجمّع الوطني"، منطقة دونان (الشمال) التي تعدّ معقلًا لغريمته من اليمين المتطرّف.

وخلال لقاء مع الحشود، سُئل عن أحد مشاريعه الكبيرة المثيرة للجدل حول تأخير سنّ التقاعد إلى 65 عامًا، وقالت له امرأة: "صوّتتُ لك لكنني أتأسّف على الأمر، فأنتم لا تحبّون كثيرًا المتقاعدين". ليرد عليها قائلًا: إنه يعمل على "تقاعد لائق أكثر".

وقال ماكرون الذي لم تحسم الأمور بعد في نظره: "أنا هنا لإقناعكم وللاستماع إليكم أيضًا، وأنا أحاول استعراض برنامجي لأبرز أنه عادل واشتراكي، وقد التقيت بالكثير من الشباب الذين قالوا لي إنّهم صوّتوا لميلانشون وأنا أحاول إقناعهم".

وقد حصد جان- لوك ميلانشون، زعيم حزب فرنسا الأبيّة "اليسار الراديكالي" 21.95 % من الأصوات، في أفضل أداء لليسار بدفع من ناخبين شباب متواضعي الأحوال يسعى المرشّحان للجولة الثانية إلى استقطاب أصواتهم.

ويعتزم ماكرون الذي خاض متأخّرًا المعترك الانتخابي بسبب الحرب في أوكرانيا وقلّت زياراته الميدانية مع تجمّع حاشد واحد، تكثيف جولاته الميدانية قبل 24 إبريل وأبرزها تجمّع كبير السبت في مرسيليا.

لوبان تستقطب اليسار


ومن جانبها لن توفّر مارين لوبان جهدًا في سياق هذه الحملة الانتخابية للدور الثاني، حيث أعلنت أمس الاثنين عن جولة لم تكن في الحسبان في منطقة إيفون تتمحور على "القدرة الشرائية والتضخّم والتداعيات على المزارعين".

وقد ركّزت لوبان كلّ حملتها على القدرة الشرائية، مع الحدّ من التشديد على مواضيعها المفضّلة كاحتواء الهجرة وتحديد الأولويات القومية، وأفسحت المجال لمنافسها من اليمين المتطرّف إريك زمور (7.07 %) كي يتشدّق بالكلام في هذا الخصوص.

وقد آتت هذه الاستراتيجية أُكلها؛ إذ حقّقت لوبان أعلى نتيجة لليمين المتطرّف في جولة أولى من الانتخابات.

وصرّحت الاثنين: "نواجه هذه الجولة الثانية متسلّحين بخبرة حصلنا عليها قبل خمس سنوات وهي ستعود علينا بنفع كبير. ولا بدّ من مواصلة النضال، مهما كلّف الأمر".

ولا شكّ في أنّ كلًّا من ماكرون ولوبان بحاجة حتمًا إلى توسيع قاعدته الانتخابية، لا سيّما في أوساط اليساريين.

وقد استخدم المعسكران كلاهما صيغة "مدّ اليد"، لا سيما إلى منتخبي ميلاشون الذي من شأنه تسيير دفّة الجولة الثانية من الانتخابات، وحثّ هذا الأخير أنصاره مساء الأحد على عدم إعطاء أيّ صوت للوبان، لكن من دون أن يطالبهم بالتصويت لماكرون صراحة.

لكن بالنسبة إلى جوردان بارديلا، رئيس "التجمّع الوطني" بالوكالة، كثيرون من ناخبي جان-لوك ميلانشون يرفضون التقاعد عند الخامسة والستين ويرفضون تسليم زمام السياسة الفرنسية إلى شركات خاصة مثل ماكينزي، وسيصوّتون لمارين لوبان في الجولة الثانية بحسب ظنّي".

نداء للتصويت لماكرون 

ودعا ثلاثة مرشّحين لم يتأهلّوا للدور الثاني، هم يانيك جادو (عن حزب الخضر مع 4،63 % من الأصوات) وفابيان روسيل (عن الحزب الشيوعي مع 2.28 % من الأصوات) وآن إيدالجو (عن الحزب الاشتراكي مع 1.75 % من الأصوات)، ناخبيهم إلى التصويت لإيمانويل ماكرون.
أما مرشّحة اليمين التقليدي فاليري بيكريس (4.78 % من الأصوات)، فقد أعلنت من جهتها عن نيّتها التصويت بضمير مرتاح لإيمانويل ماكرون.

ويقضي الرهان أيضًا بحشد الناخبين، في وقت سجّلت نسبة كبيرة من الامتناع عن التصويت "25.14 %" في الجولة الأولى مع تفكّك أواصر الحزبين الفرنسيين التقليديين وهما الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري اليميني.

وفي هذا السياق، أطلقت بيكريس نداء لجمع تبرّعات بغية السماح لحزبها بتسديد نفقات الحملة الانتخابية ومن أجل صون اليمين الجمهوري.

وتكون النفقات المسدّدة محدودة جدًّا بموجب القانون الفرنسي في حال حصول حزب ما على أقلّ من 5 % من الأصوات.

مواجهة تلفزيونية بين ماكرون ولوبان 

وتتمحور المحطّة الأساسية في الحملة ما بين الجولتين على مواجهة تلفزيونية بين المرشّحين في 20 إبريل الجاري.

وفي عام 2017، كان لهذه المواجهة وقع كارثي على لوبان التي ظهرت ضعيفة وغير ملمّة بالقضايا الأساسية، ما تسبّب بخسارتها في وجه ماكرون.

لكن بعد خمس سنوات، اختلف المشهد تمامًا، على حدّ قول بريس تنتورييه المتخصّص في السياسة، ولم يعد الرئيس المنتهية ولايته "يمثّل مرشّحًا جديدًا يحمل معه نفحة تجديد" ولم تعد لوبان بدورها المرشّحة التي تثير النفور فهي عملت على تحسين صورتها وباتت أكثر قربًا من الفرنسيين، وفق تنتورييه.

وتستعد باريس يوم 24 أبريل الجاري للجولة الثانية والحاسمة من انتخابات الرئاسة الفرنسية والتي ستحدد مصير الصراع على مفاتيح الإليزيه وتعلن اسم رئيس فرنسا الجديد. 

الجريدة الرسمية