الشيخ سيد سعيد وآخرون
الذين تطرب قلوبهم وصدورهم بالاستماع إلى القرآن الكريم يعرفون جيدًا مَن هو القارئ الشيخ سيد سعيد. هو واحد ممن أبدعوا إبداعًا منقطع النظير فى تلاوة القرآن الكريم. بمطالعة موقع الفيديوهات المصورة "يوتيوب"، سوف تكتشف أن أحد تسجيلاته لسورة يوسف يكسر حاجز الـ 15 مليون مشاهدة. وهذا رقم لو تعلمون عظيم. ويكاد يكون حصريًا للشيخ سيد سعيد.
الشيخ سيد سعيد هو أحد أكابر قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم الإسلامي، رغم أنه غير مقيد بالإذاعة والتليفزيون. كان للشيخ تجربة مثيرة في الخضوع لاختبارات لجان ماسبيرو، ولكنها لم تعتمده من المرة الأولى، فخرج ولم يعد، وشقَّ طريقه فى عالم التلاوة، وحقق شهرة طاغية، داخل مصر وخارجها، وكان مقربًا من بعض الأمراء العرب مثل: الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله.
الحوارات المتلفزة القليلة التي ظهر فيه الشيخ الثمانيني تعكس اعتزازه الشديد بنفسه؛ وربما كان هذا سببًا رئيسًا في عدم معاودته إلى لجان الاختبارات مرة أخرى. ينضم الشيخ سيد سعيد إلى سلسلة من عباقرة القراء غير المختومين بختم النسر، والذين لم ينشغلوا بالحصول على شرعية رسمية من لجان الإذاعة والتليفزيون التي يشوب أداءها المجاملات وكروت التوصية. ويكفي أن تلك اللجان هي التي اعتمدت في السنوات الأخيرة قراء شكت الطيور السابحة فى ملكوت ربها من عدم أهليتهم.
تراث الإذاعة
تسجيلات القارئ الشيخ سيد سعيد والقارئ الشيخ عبد المنعم الطوخي والقارئ الشيخ عبده عبد الراضي وسلسلة كبيرة من القراء غير المعتمدين في ماسبيرو، تشكل رافدًا مهمًا للفضائيات القرآنية العربية التي طبَّقت شهرتها الآفاق وتدخل كل بيت، فى الوقت الذي لا تزال فيه هذه التسجيلات –على روعتها- مُحرمة على إذاعة القرآن الكريم التى فتحت الباب على مصراعيه فى السنوات الأخيرة لأصوات منفرة ومواهب معدومة وحناجر شائهة؛ لمجرد أنها مطبوعة بختم النسر!
هذه دعوة للقائمين على أمر أول إذاعة دينية وُضعت للناس، لا سيما أن رئيسها الحالي رضا عبد السلام يحاول جاهدًا إعادة الحياة إليها: دعكم من التقاليد القديمة والمعايير البالية التي لم تنتج فى النهاية إلا أصواتًا مضروبة، راجعوا تسجيلات مشاهير القراء غير الرسميين مثل: الشيخ سيد سعيد وأقرانه الذين لم يرابطوا أمام أبواب ماسبيرو للحصول على ختم النسر، وإن وجدتموها صالحة ولا يشوبها لحن ولا خطأ فى ضوابط التلاوة، أصدروا قرارًا فوريًا بضمها إلى تراث الإذاعة، وعطروا الفضاء والقلوب والآذان بها، لأنها أولى بالحفظ والإذاعة من خلال المنبر الرسمي لبلدهم، بدلًا من أن نبحث عنها فى وسائل الإعلام العربية.
لو لم يكن الشيخ سيد سعيد موهبة قرآنية متكاملة ما جذب صوته القلوب والأفئدة فى عموم العالم المصرى، قبل الثورة التكنولوجية وبعدها، ولما صار الاختيار الأول لكل من يهوى الاستماع إلى سورة يوسف.
أعيدوا الاعتبار للشيخ سيد سعيد، ولكل الأصوات اللامعة التى رحل أصحابها دون أن يتم اعتمادهم فى دفاتر ماسبيرو وختم أسمائهم وأصواتهم بختم النسر، لأن تلك اللجان فى أحيان كثيرة تعطى من لا يستحق ما لا يستحق، وتحرم من يستحق مما يستحق، وأن تأتى متأخرًا خير من ألا تأتى.. استقيموا واعدلوا يرحمكم الله، ولو تحطم مثل هذا القرار على صخور الروتين والبيروقراطية البائسة، فيجب أن تجد هذه الأصوات مساحة على الفضائية المصرية الجديدة المتخصصة فى القرآن الكريم التي-بكل أسف- وُلدتْ ميتة!