العندليب.. 45 عاما من الحضور!
شاء القدر أن تشرق شمس فنه مع شروق شمس الوطن ليلة إعلان الجمهورية وكأن غشارات القدر أرادت إعلان هذا الرباط المقدس ليكون هذا الصوت هو صوت الوطن وأهله ولربع قرن متصل.. ثم إلي نصف قرن آخر إلا قليلا منذ الرحيل وإلي اليوم.. حيث تغني له مصر وشعوبنا العربية الوطن الاكبر وخلي السلاح صاحي ومسيح وصوت الجماهير وأحلف بسماها وبترابها وقلنا هنبني السد العالي وصورة وسكت الكلام وغيرها من أغنيات أخري لمناسبات للأشقاء العرب..
فضلا عن رصيد هائل من أغانيه الرومانسية والعاطفية وأفلامه السينمائية القليلة.. طويلة الأثر ممتدة التأثير.. ومسلسه الإذاعي الوحيد ولقاءاته وحواراته الصحفية المقروءة والمصورة والمسموعة وما فيها من وعي وثقافة وشياكة وذوق وحضور وذكاء فني ومثله القدر المدهش من الذكاء الاجتماعي إلي الحد الذي ظلت الدوائر الاعلامية التي شكل معها علاقات جيدة تحمي سيرته وحتي اليوم !
نقف.. باختصار.. أمام ظاهرة تستحق الدراسة.. نموذج ليس في الصبر والعزيمة فقط وإنما في إستثمار الفرص وإدارة الذات وهندسة العلاقات والقدرة علي تحديد المسافة المناسبة بينه وبين السلطة وكيف كانت الحاسة الذكية عنده من الاقتراب منها وكيف يكون ذلك اقترابا من الجماهير ومتي يكون الابتعاد عنها اقترابا من الجماهير أيضا !
عبد الحليم حافظ رحل ليبقي.. خالدا في ضمير أمته التي غني لها في امجادها وهي كثيرة.. وفي انكساراتها مبشرا بالنصر وإلي النصر ذاته.. وليتحول إلي المؤشر الذي يقاس عليه مدي الاقتراب أو الابتعاد عن الغناء المثالي.. الجميل !
رحم الله العندليب.. الحاضر فينا وإلي ما شاء الله لحضوره أن يبقي !