بهجة وصفعة وتغيير في الأوسكار
عاد بريق وبهجة حفل الأوسكار في دورته الرابعة والتسعين بحضور نجوم السينما والإطلالات الأنيقة، بعد قيود وتغييرات فرضها فيروس كورونا لعامين متتاليين، وافتتحت الحفل نجمة الغناء بيونسي، بعرض استعراضي حي ومبهر بمشاركة ابنتها بلو آيفي وفريق من الراقصين والمؤديين، من ملاعب تنس فينوس وسيرينا ويليامز لتبدأ وقائع السهرة وإعلان الجوائز بمسرح دولبي، وسط أحداث ومفاجآت وتحولات في النهج، كما لم يخل الحفل من التضامن مع أوكرانيا.
خلق نجم هوليوود ويل سميث، الحدث والإثارة مبكرا عندما وجه صفعة مدوية لمقدم الحفل الكوميدي كريس روك، بعد سخريته من مظهر جادا زوجة ويل سميث المصابة بمرض مناعي يؤدي إلى تساقط الشعر، وهي أعلنت عن مرضها في ديسمبر الماضي، حتى لا يتساءل الجمهور عن سبب ظهورها صلعاء.
اعتذار ويل سميث
لم يكن رد فعل ويل سميث العنيف وليد السخرية من زوجته في هذا الحفل، بل سبقه سخرية قبل 6 سنوات، حين أعلنت جادا مقاطعتها حفل الأوسكار، لأن الأكاديمية تتجاهل الأقليات، وخلال توزيع الجوائز كان كريس روك أيضًا يقدم الحفل، فسخر من جادا قائلا: كيف تقاطعين حدث لم تتم دعوتك إليه أصلا؟.
وفجرت السخرية الجديدة من جادا غضب ويل سميث ليصفع كريس روك، لكن الصفعة التاريخية، لم تمنع نيل ويل سميث المستحق أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم الملك ريتشارد الذي جسد فيه والد ومدرب بطلتي التنس سيرينا وفينوس وليامز.
لدى استلامه الجائزة باكيًا، حاول ويل سميث تخفيف وطأة اعتدائه على مقدم الحفل، فأعتذر للأكاديمية ولزملائه المرشحين ولكن ليس لروك، قائلًا: ان الحب يجعلك تفعل أشياء مجنونة وأتمنى أن تدعوني الأكاديمية إلى حفلها مجددا. وأمام الاستنكار الواسع لانتهاك سميث قواعد السلوك في الاكاديمية، ودعوة البعض إلى سحب جائزة الأوسكار منه ردعًا لمن يفكر في اقتراف السلوك نفسه مستقبلا، إضطر سميث للإعتذار مجددا أمس إلى كريس روك، معترفًا بخطأه في الاعتداء عليه، ومؤكدا أنه يقبل السخرية من شخصه لكن لا يقبلها على زوجته المريضة.
بعيدا عن صفعة ويل سميث، سدد فيلم "كودا" ذو الميزانية المتواضعة، ضربة قاضية للأفلام ضخمة الإنتاج، ونال جائزة أفضل فيلم، ليخالف التكهنات المتداولة منذ أشهر، كما دخل التاريخ أيضا بطل الفيلم تروي كوتسور، بنيله جائزة أفضل ممثل مساعد، كأول ممثل أصم يفوز بالأوسكار، ونالت مخرجة الفيلم شيان هيدر أوسكار أفضل سيناريو مقتبس، ما يمثل تغييرا في نهج الجوائز، إذ لم ترشح مخرجة "كودا" من الأساس لجائزة أفضل إخراج ومع هذا نال عملها أوسكار أفضل فيلم، نظرا لإنسانية أحداثه وبهجة الحبكة الدرامية والنهاية السعيدة والمشاعر الجياشة، وقد انحازت الأكاديمية إلى البهجة والمشاعر تخفيفا عن الجمهور بعد عامين ثقيلين من الإغلاق والعزل والرعب في ظل تفشي فيروس كورونا..
جوائز للمنصات الرقمية
فضلا عن أن فيلم "قوة الكلب"، الذي كان قريبا من نيل جائزة أفضل فيلم، يناقش العنف الذكوري ومشكلات نفسية في إطار قاتم معقد يزيد الكآبة، ومع هذا اقتنصت مخرجته النيوزلندية جين كامبيون جائزة الإخراج، وهي جائزة تخفف الظلم الواقع عليه في فئات التمثيل والسيناريو وأفضل فيلم، التي ذهبت إلى أفلام أخرى، وتلك هي جائزتها الثانية، حيث سبق أن نالت كامبيون أوسكار أفضل سيناريو عن فيلم "البيانو" قبل 30 سنة.
لعل من التغييرات الكبرى في نهج الأوسكار، أن المنصات الرقمية دخلت تاريخ السينما بحصد خدمة البث "Apple TV+" منتجة فيلم "CODA" جائزة أوسكار أفضل فيلم، بينما نافستها نتفليكس على الجائزة نفسها بفيلم "قوة الكلب". ومن سعداء الحظ في الأوسكار المغنية الشابة بيلي أيليش وأخيها، إذ اقتنصا أوسكار أفضل أغنية عن فيلم جيمس بوند "لا وقت للموت" رغم المنافسة مع أسماء كبيرة بينها بيونسي.
شهدت فئة أفضل ممثلة منافسة مثيرة حتى انتزعتها جيسيكا شاستين عن أدائها دور المبشرة التلفزيونية تامي فاي باكر في فيلم "عيون تامي فاي"، وذهبت جائزة أوسكار الممثلة المساعدة إلى أريانا ديبوز، عن أدائها المفعم بالحيوية في فيلم "ويست سايد ستوري" للمخرج ستيفن سبيلبرغ. منحت تغييرات الأوسكار فيلم الخيال العلمي "ديون"، خمس جوائز تقنية كأفضل تصوير ومونتاج وموسيقى تصويرية وصوت ومؤثرات خاصة، رغم عدم ترشح مخرجه دوني فيلنيوف لجائزة أفضل مخرج، وعدم نيله أي جائزة كبرى.
دفع تسجيل حفل الأوسكار أقل نسبة مشاهدة في تاريخه العام الماضي، إلى الاستعانة بالثلاثي الكوميدي إيمي شومر وريجينا هول وواندا سايكس لتقديم الحفل بعد 3 دورات دون مضيف، بغية زيادة المشاهدة، ولم يفت إيمي شومر، المزح من الإستعانة بهن قائلة: "هذا العام، اختارت الأكاديمية 3 نساء للاستضافة، لأنهن أرخص من التعاقد مع رجل واحد"، ومع عودة مضيف الحفل وتقليص مدته الزمنية، زادت نسبة المشاهدة كثيرا عن العام الماضي لكن ظلت صفعة ويل سميث الحدث الأبرز والأكثر بحثًا.