رئيس التحرير
عصام كامل

عنصرية وكيل بمكيالين

تواجه روسيا ضغوط الغرب والولايات المتحدة لتدميرها اقتصاديا، فضلا عن أكاذيب وافتراءات إعلامية، أعلنت معها وزارة الدفاع الروسية استهدافها مركز الهجوم الإعلامي للمخابرات الأوكرانية بسلاح فائق الدقة. لا يكتفي الإعلام الأوروبي والأميركي بجميع منصاته بشيطنة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتأكيد معاناته من عزلة غير مسبوقة، مع تعمد تداول ونشر كم هائل من الأكاذيب والمعلومات المضللة تنحاز في السواد الأعظم منها إلى أوكرانيا والرؤية الغربية..

 

ما جعل الأزمة الروسية الأوكرانية أكثر حرب يتابعها الإعلام إعتمادا على ما توفره الماكينة الإعلامية الغربية وسهولة تداولها عبر الإنترنت ومنصات الميديا، وفي المقابل بدت الرواية الروسية ضعيفة أمام ما يحدث، لأن الولايات المتحدة حجبت منصاتها في السوشيال ميديا وقيدت الوصول إلى وسائل الإعلام الروسية، لإجبار العالم على تبني الرواية الغربية للحرب. 

 

قطعت هيلاري كلينتون، غيابها الإعلامي للإدلاء برأيها فيما يجري، وقالت "يجب استغلال من يتظاهرون في روسيا رفضا لحرب أوكرانيا، وشن هجمات إلكترونية ضد المؤسسات الروسية كالتي شنتها إدارة أوباما ضد الدول العربية، عندما كنت وزيرة خارجية خلال فوضى الربيع العربي". وبينما اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أن بوتين "قاتل"، رأى الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون أن بوتين أصبح أكثر توترا، وقال الرئيس الفنلندي السابق أن بوتين أصبح غاضبا وتغيب عنه الحكمة، فضلا عن أكاذيب لا تحصى لرئيس أوكرانيا الممثل الكوميدي فلاديمير زيلينسكي. 

 

كشفت الأزمة الروسية الأوكرانية العنصرية الغربية وسياسة الكيل بمكيالين، ونبذها شعارات المساواة وحقوق الإنسان ما دامت تتعارض مع مصالحها، إذ شكا كثير من العرب والأفارقة من العنصرية البولندية وحتى الأوكرانية في التعامل معهم الأيام الفائتة، ورأت وكالة "أسوشيتد برس"، أن ترحيب قادة أوروبا باللاجئين الأوكران الفارين من الحرب، يعكس عنصرية التعامل مع لاجئي الشرق الأوسط، فقادة بولندا، المجر، بلغاريا، مولدوفا ورومانيا، رحبوا باستقبال مئات الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين دون غيرهم، على اعتبار أن "الأوكران أذكياء ومتعلمون.. بخلاف موجة اللاجئين العرب من غير المعروف هوياتهم، وماضيهم وما إذا كانوا إرهابيين".

 

أكاذيب إعلامية

 

امتدت عنصرية قادة أوروربا والولايات المتحدة، إلى مراسلي التلفزة التابعة لدولهم، فجاء في تقاريرهم "الأوكران بعيون زرقاء وشعر أشقر يتعرضون للقتل وهذا غير مقبول، نحن لا نتحدث عن سوريين بل عن أوروبيين يغادرون بسيارات تشبه سياراتنا، أوكرانيا ليست سورية ولا العراق ولا أفغانستان، إنها بلد متحضر وليست من دول العالم الثالث". كما اضطرت قناة "الجزيرة" الانجليزية إلى الاعتذار عن تعليق عنصري من مذيعها، قال فيه "ينتمي الأوكران إلى الطبقة الوسطى، وليسوا لاجئين هاربين من دول الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا".

 

ومع سوء المعاملة التي وجدها الأفارقة في بولندا وتعرضهم للضرب من الشرطة على الحدود، بعدما منعهم الأوكران من استقلال الحافلات والقطارات المتجهة إلى الحدود، قال الرئيس النيجيري محمد بخاري "إن نحو أربعة آلاف نيجيري في أوكرانيا، معظمهم من الطلاب مُنعت مجموعات منهم مرارا وتكرارا من دخول بولندا، وعادوا إلى أوكرانيا للتوجه إلى المجر.. كل من يفرون من الحرب لهم نفس الحق في الممر الآمن بموجب اتفاقية الأمم المتحدة، ويجب عدم التمييز في لون جوازات سفرهم أو بشرتهم".

 

وسط طغيان الأكاذيب الإعلامية والعنصرية الغربية، يتصدر المشهد البروفيسور جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة شيكاغو، الذي تُدرس أعماله وكتاباته لطلاب العلاقات الدولية في العالم كله، ويرفض ميرشايمر، ما يردده الساسة عن بوتين، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي ابن الاستخبارات السوفيتية KGB، وبوتين على يقين بأن واشنطن، تعتبر روسيا خطرا وعدوا لا يمكن تجاهله، ومنذ تفكيك الاتحاد السوفييتي تسعى السياسة الغربية لإسقاط نظام الحكم المركزي القوي في روسيا واستبداله بآخر صديق لواشنطن والغرب، من خلال توسع حلف الناتو وامتداده شرقا في اتجاه حدود بلاده، ثم تمدد وتوسع الاتحاد الأوروبي، مع السعي لتطبيق ديمقراطية الغرب في دول القارة الأوروبية.

 

 يرفض بوتين توسيع حلف الناتو بضم أوكرانيا وجورجيا حتى لا يتمدد الغرب على حدود روسيا شرقا وجنوبا. كما ينتقد ادعاء الولايات المتحدة والغرب احترامهما القانون الدولي، مشيرا إلى أن احتلال أميركا، العراق وأفغانستان، وقصف حلف الناتو صربيا وليبيا، لم يحترم سيادة الدول ولم يلتزم بالقانون الدولي.

 

 

يبقى أن البروفيسور ميرشايمر، تطرق إلى الأزمة الروسية الأوكرانية قبل سبع سنوات، موضحًا أن "الغرب يقود أوكرانيا في طريق الشهوات، بإغراء قادتها أنها ستكون جزءا من أوروبا، وتشجيعها على التحرش بروسيا، في محاولة لهزيمة بوتين، وللأسف الغرب جعل أوكرانيا تتمرد على التسوية مع روسيا، اعتقادا بأن ذلك سيجعلها قوية ومؤثرة، لكن هذا الطريق ستكون نهايته هلاك أوكرانيا، والأفضل جعلها بلدا محايدا لأن هذا في صالحها ويجنبها الحرب مع بوتين". 

الجريدة الرسمية