عندما تتخلى الدول الكبرى عن إنسانيتها!
ليس سهلًا التنبؤ بما ستفصح عنه الأيام والأشهر التي ستعقب انقشاع غبار المعركة.. ولا موازين القوى الدولية والأسس التي ستنهض عليها.. إنه مخاض صعب لم تشهد البشرية منذ عقود طويلة. روسيا لم تترد في الكشف عن أهدافها من خوض تلك الحرب من وحي الحفاظ على أمنها القومي الذي رأت في تمدد الناتو ووصوله لحدودها في أوكرانيا تحديدًا تهديدًا مباشرًا لوجودها..
وفي ظل غياب النتائج الحاسمة للنزاع من ناحية وتصعيد الغرب ضد روسيا من ناحية ثانية يصبح من المبكر الحديث عن أي استقرار دولي أو ملامح للعلاقات الدولية أو النظام العالمي الجديد.. لكن المؤكد أن تلك الأزمة ستخلق اضطرابًا سياسيًا دوليًا واسعًا لا يقل جسامة وتعقيدًا عن تداعياته الاقتصادية والتجارية.
أما الأكثر تضررًا من تلك الأزمة حاضرًا ومستقبلًا فهي كالعادة الشعوب المستضعفة والدول التي تجاهد لتعيش تماما كما دفعت -ولا تزال- الثمن باهظًا في أزمة كورونا التي ينبغي ألا يخدعنا انحسارها الظاهري فنتخلى عن حذرنا ونترك الإجراءات الوقائية والاحترازية.
أزمة عالمنا اليوم أن دوله الكبرى تخلت عن إنسانيتها فلم ترحم الضعفاء بتحقيق عدالة اللقاحات ولا رحمتها بالبعد عن الاستفزازات والجلوس إلى طاولة المفاوضات لوضع الحلول بدلًا من إذكاء نيران الحروب التي تأتي على الأخضر واليابس وتدفع بالبشرية إلى مصير مظلم ومستقبل بائس.
وكفانا ما لقيناه من عناء في مجابهة كوفيد 19 الذي تنبأ به وبغيره من الفيروسات الفتاكة علماء كثيرون من بينهم عالمنا الفذ د. مصطفى محمود والأمريكي جو شو ليدبرد صاحب نوبل.. كما توقع دافيد نابارو مدير الصحة بجامعة كولدج البريطانية أننا أمام سيناريوهين لا ثالث لهما؛ إما التوصل إلى لقاح ناجح لكورونا أو التعايش معه بكل ما يعنيه ذلك من مخاطر على حياة البشرية جميعًا.