الاستحواذ الأجنبي مجرد مسكِّن!
إذا كانت مشكلتنا الاقتصادية تكمن في أننا نستهلك أكثر مما ننتج، فإن الحل لها يقتضي بديهيًّا زيادة الإنتاج، وهذه الزيادة تقتضي بدورها زيادة الاستثمارات.. وبالتالي فإن زيادة الإنفاق الاستثماري للحكومة يصبح أمرًا ضروريًّا، كما أن تشجيع الاستثمار الخاص هو أمر ضروري أيضًا.. كذلك فإن تشجيع الاستثمار الأجنبي مهم أيضًا، نظرًا لأن مدخراتنا المحلية الحالية لا تكفي لتمويل ما نحتاجه من استثمارات.
وهنا المقصود بالاستثمار الأجنبي بالطبع هو الاستثمار المباشر وليس الاستثمار في البورصة أو أوراق الدين المصرية، أي الاستثمار غير المباشر.. ومن بين الاستثمار المباشر الذي نحتاجه أكثر هو الاستثمار في المشروعات الجديدة من الاستحواذ على مشروعات قائمة من خلال شراء مشروعات قائمة وجاهزة وأصول قائمة بالفعل تعمل وتنتج.
فإن الاستحواذ تكمن الفائدة الأساسية فيه أنه يعد مصدرًا مؤقتًا للحصول على نقد أجنبي يمثل قيمة الأصول والمشروعات القائمة التي تم الاستحواذ عليها وشراؤها، كما سيحدث بعد استحواذ صندوق استثمارات إماراتي على عدد من الأصول المصرية، وهذا يفيد مرحليًّا ولفترة مؤقتة في سد الفجوة التمويلية وعجز النقد الأجنبي لدينا فقط.
وهذا ما حدث تقريبًا في معظم عمليات الاستحواذ الأجنبية على أصول ومشروعات مصرية قائمة كان آخرها الاستحواذ على مستشفيات ومعامل تحاليل ومراكز طبية، حيث لم يتم القيام بأي توسعات في هذه المشروعات القائمة، وكل ما حدث هو تغيير الملكية فقط.. بينما الاستثمار في مشروعات جديدة فإنه فضلًا عن إضافة أصول جديدة لنا فإنه سيوفر مزيدًا من فرص العمل الجديدة ويسهم في زيادة الدخل القومي ويحقق زيادة في الإنتاج ومعدل النمو.
وهذا هو الاستثمار الأجنبي الذي يتعين علينا أن نهتم باجتذابه وتشجيع أصحابه، أما عمليات الاستحواذ الأجنبي على أصول مصرية قائمة فهو مجرد مسكِّن اقتصادي مؤقت لأعراض الفجوة التمويلية التي نعاني منها منذ سنوات واضطررنا لسدها بالرهان على الأموال الساخنة التي كما تدخل بسهولة تخرج أيضًا سريعًا.