بعد العودة لصندوق النقد!
بعد بضعة أيام قليلة من إعلان وزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد أنه لا توجد اتصالات مصرية جديدة مع صندوق النقد الدولى لإبرام اتفاق جديد له بعد تخفيض الجنيه ورفع سعر الفائدة أعلن الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة بدأت اتصالات مع صندوق النقد للتوصل إلى اتفاق تمويلى جديد، أى للحصول على قرض جديد منه وهذا يعنى أن نهج الاعتماد على القروض ومعها الأموال الساخنة لسد العجز في مواردنا من النقد الأجنبى هو السائد حتى الآن، وهذا من شأنه تأجيل مشكلة هذا العجز لبعض الوقت ولا يقدم حلا ناجحا لها..
فإن الحل الناجح لها يتمثل في أن تكون لنا موارد دائمة ومستقرة تضخ لنا النقد الأجنبى الذى نحتاجه لتدبير احتياجاتنا من الخارج. ولعل هذا ما قصده مسئولو صندوق النقد حينما أشاروا إلى أن مصر تحتاج المضى في عملية الإصلاح الهيكلى لاقتصادها، وهذا ما سوف تدور حوله المشاورات المقبلة مع الحكومة المصرية، ولعل ذلك يفسر عودة رئيس الوزراء للقول بأننا توافقنا مع صندوق النقد على برنامج فنى فقط، أما التمويل فإنه مطروح مستقبلا.
إصلاح نقدى
فما قامت به الحكومة منذ ستة سنوات مضت لم يكن اصلاحا اقتصاديا شاملا وإنما كان أساسا إصلاحا نقديا وماليا استخدم فيه البنك المركزى كل أدواته (سعر الصرف وسعر الفائدة)، وهذا ما عاد وكرره قبل بضعة أيام مضت، لأننا لم ننجز عملية إعادة هيكلة اقتصادنا التى تجعله قادرًا على النمو المستدام ومتمكنا من زيادة الناتج المحلى من قطاعات منتجة مستقرة، خاصة قطاعى الزراعة والصناعة، حتى لا يكون نمو اقتصادنا مرهونا بما يطرأ على قطاعات ليس أمرها كله في أيدينا وحدنا، مثل السياحة وقناة السويس، وإنما تتأثر بأوضاع الاقتصاد العالمى وأحوال التجارة العالمية وحركة النقل والسفر، بل والإعتبارات السياسية أيضا.. فنحن قد نحقق معدلا مرتفعا ومتصاعدا للنمو الإقتصادى، لكن حتى يكون مستداما في ارتفاعه ومستمرا في صعوده يتعين أن يكون نتاج لنمو قطاعى الزراعة والصناعة أساسا.
لقد كان مهما وضروريا بالطبع أن نهتم بالبنية التحتية وقطاع التشييد عندما شرعنا قبل سنوات مضت في عملية تحريك اقتصادنا الوطنى وإنقاذه من الركود وتباطؤ النمو الذى أصيب به، فهذا أسرع طريق لتنشيط أى إقتصاد، وأقصر سبيل لتوفير فرص عمل كنّا في أشد الحاجة لها لتخفيض معدل البطالة المرتفع وزيادة دخل المواطنين، وبعد أن مضينا إلى مدى مناسب في هذا الصدد جاء الآن وقت منح الاولوية لقطاعي الزراعة والصناعة.. فهمًا سيوفران لنا احتياجات أساسية ستجعلنا نقلل في اعتمادنا على الخارج وبالتالى نخفض من إنفاقنا للنقد الأجنبى..
وفوق ذلك سوف يسهمان في زيادة صادراتنا للخارج وتحقيق طفرة في هذا الصدد تمناها الرئيس السيسى حينما قال إنه ينتظر وصول صادراتنا إلى رقم مائة مليار دولار.. وأول خطوة للنهوض بالزراعة والصناعة هو إيجاد حل لمشاكل المزارعين والصناع، وبالمناسبة هى مشاكل معروفة وقتلت بحثا من قبل منظمات ومؤسسات مصرية عديدة وقدمت لها حلولا وعلينا فقط إخراجها من الأدراج وتنفيذها.