مفاجآت الحكومة في عيد الأم!
استيقظ المصريون صباح يوم عيد الأم على مفاجأة حكومية كبيرة تمثلت في قرار مزدوج للبنك المركزى تضمن زيادة في أسعار الفائدة بنحو مائة نقطة وتخفيضا فى سعر الجنيه بنسبة ١٦ في المائة.. وقد استقبل الناس هذه المفاجآت الحكومية بردود فعل متباينة.. فهناك من لام الحكومة والبنك المركزى على التأخر في اتخاذ هذه القرارات، خاصة قرار تخفيض الجنيه الذى كان يجب أن يبدأ تدريجيا فى تقديرهم قبل نحو العامين..
وهناك أيضا من لام الحكومة لأنها هرولت لاتخاذ هذه القرارات، وسمحت بتخفيض كبير في الجنيه المصرى سوف يطلق موجة غلاء جديدة في الأسواق المصرية ويبدد أثر رفع معدل الفائدة في البنوك والذى سوف يكلف الحكومة ذاتها أعباء إضافية تتمثل في زيادة تكلفة ديونها المحلية، مما سوف يؤثر على العجز في موازنتها..
وهناك أيضا من التمس للحكومة العذر لأنه يرى أنه لم يكن أمامها سبيل آخر غير ما اتخذته من قرارات اقتصادية جديدة في ظل أزمةَ أمسكت بخناق الاقتصاد العالمي قبل اندلاع حرب أوكرانيا وازدادت حدتها بِعد أن نشبت هذه الحرب وما أعقبها من عقوبات اقتصادية شاركت فيها أمريكا وأوروبا ضد روسيا!
قلق وترقب
ووسط هذا الجدل الذي أثارته مفاجآت الحكومة في يوم عيد الأم انشغل الأغلب الأعم من الناس بأمر واحد فقط هو ما سوف يتحملونه من أعباء إضافية لتعرضهم لموجة تضخم جديدة بدأ التجار يبشرون بها منذ يوم أمس، بل بدأ بعضهم في صياغتها وتنفيذها فعلا مبررين ذلك بتخفيض سعر الجنيه..
فإن هؤلاء الناس يعرفون أن قرارات التبكير بصرف العلاوات للموظفين ابتداء من الشهر المقبل وكذلك زيادة المعاشات والتوسع في برنامج تكافل وكرامة وتسعير الخبز الحر لن يعوضهم عن كل ما سوف يتحملونه من أعباء بسبب تخفيض الجنيه.. وهم خبروا ذلك مع كل تخفيض حدث للجنيه المصري منذ سبعينيات القرن الماضى..
ولعل ذلك سبب القلق الذى أصاب الناس، خاصة وأن الأسعار التى ارتفعت بعد تعويم الجنيه فى خريف ٢٠١٦ لم تنخفض بعد أن استعاد الجنيه قدرا مما فقده فور التعويم، فضلا عن أن الحرب الاوكرانية ليس معروفا متى تنتهى، وحتى إذا إنتهت لن يتم التخلص سريعا مما ألحقته من تداعيات على الاقتصاد العالمي، وهو ما يشى به عزم المركزي الأمريكي على القيام بخمسة زيادات أخرى في معدل الفائدة.
لذلك كله فإن الأمر يحتاج لبحث جاد ومسؤل عما يتعين علينا القيام به، حتى لا نجد أنفسنا مضطرين كل بضعة سنوات لتخفيض عملتنا لسد العجز في مواردنا الأجنبية.. ويتعين علينا جميعا أن ننصت لبعضنا البعض حتى نهتدي لسبيل سليم وصحيح نسلكه اقتصاديا.. وهذا ما سوف أتناوله في مقالى ابتداء من الغد.