رئيس التحرير
عصام كامل

حرروا العقول قبل تحرير الرغيف!

أتعجب من بعض الذين يلتزمون دوما فى الحياة بوصفات جاهزة معدة سلفا دون مراعاة لواقع متغير وظروف متجددة وأحوال متقلبة.. ومن هؤلاء الذين عادوا للحديث عن رفع سعر الرغيف المدعوم فى وقت اتجهت فيه الحكومة بناء على توجيهات الرئيس السيسي إلى تسعير رغيف الخبز الحر أو السياحى كما يطلق عليه! 

 

أهمية رغيف العيش

 

نعم هناك حلول جاهزة تتضمنها كتب الإقتصاد لكل المشاكل الاقتصادية بدءا من التضخم وحتى الركود مرورا بالبطالة وتدنى الدخول وشح النقد الأجنبى.. لكن هذه الكتب ليست مقدسة ولا ترقى لمستوى الكتب السماوية، فهى اجتهادات بشرية تم التوصل إليها سواء بالدراسة أو عبر الخبرات المتراكمة، والمزيد من الدراسة والإضافى من الخبرات قد يفضى لإجتهادات أخرى مغايرة أو مختلفة، ولذلك ثمة مقولة شائعة تقول أنه إذا سألت إثنين من الخبراء الاقتصاديين سؤالا فإنك سوف تحصل على ثلاثة أجوبة مختلفة! 

 

وهنا أنا لن أتحدث عن أهمية رغيف العيش في حياة عموم المصريين التى يسخر البعض منها أو على الأقل لا يقدرها كما ينبغى لأن الخبز في حياته لا يمثل له ذات الأهمية، وإنما أود أن أنبه فقط إلى أن ما قد يصلح في توقيت معين قد لا يكون أمرا موفقا في توقيت آخر.. وبعد التنبيه أقول إن الدعم ليس دوما خطأ وإن تقديم سلعة أو خدمة بأقل من تكلفتها او حتى مجانا أحيانا لا يعد خروجا عن نواميس الحياة لا سمح الله أو كفرا بصحيح  علم الاقتصاد.. وإلا إعتبرنا دول رأسمالية كبيرة كفرت بآليات السوق وقوى العرض والطلب لآنها تقدم تعليما مجانا لتلاميذها أو علاجا مجانا لمرضاها أو دعما ماليا لمزارعيها.

 

 

وإذا كنا نقول لرجال الدين إنهم لم يملكوا ويحتكروا الحقيقة وإن تفسيراتهم الدينية هى مجرد اجتهادات بشرية قد تصيب وقد تخطأ فإننا نقول بالمثل لرجال الإقتصاد والسياسة إن رؤاهم وأفكارهم وآراءهم هى أيضا اجتهادات بشرية قد تفيد أو قد تضر.. فلا قداسة لأحد من البشر.. والمهم تحرير العقول لكى نؤمن بذلك حقا قبل تحرير سعر أية سلعة أو خدمة وفى مقدمتها رغيف الخبز!

الجريدة الرسمية