هل الصوفية فكرة أجنبية لا تخص الإسلام ومدسوسة عليه من الخارج ؟
يروج بعض خصوم الصوفية أن التصوف ليس منهجا إسلاميا خالصا، بل فكرة مستوحاة من الثقافات البعيدة عن أرض الإسلام، ومنبتها وخصوصيتها ليست إسلامية، بل تسير على هوى المستشرقين، ومن يريدون من الإسلام نسخة إنهزامية منزوعة التأثير، وهو قول يلاقي الكثر من الاستهجان والرفض من أنصار الصوفية والباحثين في شئونها.
التصوف والمستشرقين
وينفي شادي أحمد، الباحث في شئون التصوف، إن يكون مصدر التصوف الإسلامي أفكار وبلدان غريبة عنه تعود للمستشرقين أو غيرهم كما يدعي خصوم الصوفية، لافتا إلى أن التصوف موجود في القرآن الكريم وسنة الرسول، ويؤكد أن القرآن به آيات كثيرة تحض على التصوف الخالص.
أضاف: الفكر والذكر والاستقامة والذاكرين والمستغفرين والعابدين والموقنين والمتبتلين وعباد الله المخلصين وأولي الألباب، ووصف الخوف والرجاء والبشرى والإيمان والمعرفة والصبر والرضا والتوكل والحب والتوحيد الحق، كلها آيات صوفية، وتابع: هناك من يحاول رد التصوف الإسلامي إلى مصادر أجنبية مختلفة، سواء كانت هندية أو فارسية ويونانية، موضحا أن التصوف الهندي والفارسي واليوناني وغيره، تأثر بالأساس بالمتصوفة العرب المسلمين.
استكمل: حركة التأثير والتأثر شاعت في القرن التاسع عشر الميلادي مع مد حركة استعمار العالم الغربي للعالم العربي والإسلامي، لذلك حاول بعض المفكرين أن يردوا كل ما هو إسلامي أو عربي إلى أصول غريبة عنه، لكن من الغريب أن بعض المفكرين المسلمين ساروا على منحى أساتذتهم من مستشرقين وغيرهم من أصحاب مدرسة التأثير والتأثر.
اختتم: الحق أن جذور التصوف الإسلامي موجودة في الإسلام نفسه، وحركة تغريب التصوف الإسلامي برده إلى مصادر غريبة عنه تبعد الفكر الإسلامي عن مصادره الأصيلة، على حد قوله.
أعلام التصوف عبر التاريخ
من ناحية آخرى، يرى الشيخ مخلف القادري، الداعية الصوفي، إن التصوف الحقيقي كان يسمى قديما بعلم الخواص في الأمة، موضحا أن الصوفية في كل زمن كان أفرادها صفوة المجتمع الإسلامي وأهم وأكبر مراجع الأمة في جميع العلوم الدينية والشرعية والإنسانية.
أضاف: أعلام الصوفية عبر التاريخ، من الإمام علي زين العابدين، إلى الحسن البصري في عصر التابعين، ثم من بعدهم إبراهيم ابن أدهم، وسري السقطري، ومعروف الكرخي، ومن بعدهم أبو بكر الشبلي، والفضيل بن عياض وعبد الله ابن المبارك، ثم جاء الغزالي والجيلاني والرفاعي والهمداني، والشاذلي والبدوي والدسوقي.
واختتم القادري: من قوة وتفرد التصوف، كان المريد يجلس سنوات وسنوات ينتظر ان يدخلوه في الطريق، ولم يكن له طلب سوى القبول، على حد قوله.
عن الصوفية وتاريخها
والصوفية أو التصوف هو مذهب إسلامي، لكن وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد مراتب الدين الثلاثة الإسلام، الإيمان، الإحسان، ومثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، اهتم التصوف بتحقيق مقام الإحسان والسلوك وتربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل، وهو الركن الثالث من أركان الدين الإسلامي الكامل بعد ركني الإسلام والإيمان، بحسب الصوفية.
وانتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي مع قدوم القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية.