الاحتلال الإلكتروني
الرقمنة والميكنة مصطلحان مكرران في الخطاب العربى الرسمي والشعبى، وتتباهى الحكومات بما جرى إنجازه في هذا المجال، وتقاس درجة تقدم الدول بما حققته في هذا المضمار. والحرب الروسية الأوكرانية واحدة من معارك الدبابات والصواريخ والطائرات وكل صنوف السلاح الفتاك الذي ظهر بعضه لأول مرة والأيام القادمة قد تنبئ عن كوارث إنسانية.
الملفت للنظر أن الحرب السيبرانية دخلت على الخط في أبهى صورها، ومعها أنواع شتى منها ما هو معلن ومنها ما هو بعيد عن العامة في بلادنا التي تتلقى الصدمات باعتبارها المفعول به الأول في العالم.
أعلنت شركات وسائل التواصل الاجتماعى موقفا معاديا من المادة الإعلامية القادمة من وسائل إعلام روسية وتم إيقاف بث قناة روسيا اليوم وحجب موقعى روسيا اليوم وسبوتنيك الروسيين. وعلى الطرف الآخر حجبت روسيا تويتر والفيس بوك تماما، وهكذا دخلنا إلى مناطق نتصور أن مجرد التفكير فيها يعد كابوسا مزعجا لمنطقتنا إذا ما جرى حجب وسائل التواصل الاجتماعي لسبب ما عن بلادنا.
هل فكرت الدول العربية فيما يمكن أن يحدث لو أن الشركات الأمريكية حجبت مواقع التواصل الاجتماعي عنا لسبب أو لآخر؟ هل فكرنا في بديل يمكننا الاعتماد عليه؟
لا أظن أن دولة عربية واحدة فكرت في الأمر ولا أتصور أن شركة عربية لديها تصور حول تحقيق هذا الحلم المنقذ لنا إذا ما جرى حجب هذه المواقع عنا.
ربما كانت الصين سباقة في تعاطيها مع فكرة الاستقلال الإلكتروني وإطلاقها لمواقع بديلة منذ البداية وحجب مواقع الشركات الأمريكية الكبرى إيمانا منها بأن الاستقلال الإلكتروني واحد من أدوات السيادة الوطنية.
بروفة الاستعباد الإلكتروني جرت وقائعها مع دولة كبرى مثل روسيا ونظن أن تصور حدوثها في منطقتنا ليس كابوسا فقط وإنما كارثة بكل المقاييس.