رئيس التحرير
عصام كامل

معركة ضد الطرف الثالث

لم تعد المعارك الكبيرة سياسية، أصبحت معارك أخلاقية وفكرية وروحية، فالحكومة العالمية بحاجة إلى مواطن عالمي، وهو ما يعزو فكرة الضغط الغربى في قضايا تتعارض ثقافيا مع عديد المجتمعات خاصة العربية والإسلامية. ربما لا يرى البعض ذلك الخيط الرفيع بين معركة قانون الأحوال الشخصية في بلادنا وبين تلك الحقائق، وإذا كنا نحاول عبر مؤسسات وطنية تقودها جماعات نسوية استيراد النموذج الغربى في إدارة شئون الأسرة، فلابد وأن ندرك أنها واحدة من معارك العولمة التي تمهد الطريق لحكومة عالمية.

أقول وبصراحة: إن ما يقوم به المجلس القومى للمرأة في محاولته تزكية الصراع بين الرجل والمرأة وتصوير دوره على أنه انتصار للمرأة، دون النظر إلى المرأة ذاتها باعتبارها مخزن استقرار الأسرة فإن النتيجة ستكون صراعا يهدد بقاء الأسرة بمفهومها الإنساني.

وإذا كان الغرب قد أدرك خطورة تصاعد هذا الصراع وتعامل بواقعية مع مشكلة تكوين الأسرة واستمرار دورها والتعامل مع طرفى المعادلة الأسرية باعتبارهما شريكين للأبوة حتى بعد الانفصال فإننا نسير لا من حيث انتهى الغرب ولكن من حيث بدأ.

لا يمكن قبول الصوت العالى من قبل الرجل في مواجهة المرأة، ولا يجوز قبول فكرة حقوق المرأة بعيدا عن الخصوصية الثقافية، فإننا نبنى على قواعد واهنة ونتيجتها تعقد فكرة تكوين الأسرة. هذا من شأنه أن يعلى قيمة الحياة خارج الأسرة، فإذا كانت الأسرة فاقدة لحيوية وجودها وديناميكية بقائها فإن هذا سيساعد على نشوء نماذج للحياة خارج إطار الأسرة المتعارف عليه.

قانون الأحوال الشخصية

إذن نحن أمام معضلة وإشكالية تفرض علينا التفكير بروية وهدوء وتأن، ودراسة علمية تحفظ للمرأة حقوقها وللرجل حقه، وقبلهما تحفظ للأجيال الجديدة حقها في الحياة الهادئة المستقرة.

تصوير الأمر على أنه صراع بين طرفين، خطر محدق ببقاء الأمة، ومهدد حقيقي لبقائها، ويكفى أن ندرك أن الوصول إلينا لم يعد عبر الحدود المتعارف عليها، فقد وصلوا إلى أطفالنا، ولا يزالون يقيمون في غرف نومهم وإن لم نتنبه إلي هذا الخطر فهذا معناه أننا نفقد الأرضية الثقافية والفكرية والروحية.

معركتنا الحقيقية هي الإبقاء على الأسرة قادرة على الحياة، ولن تستقيم الأمور إذا أدرناها على طريقة الصراع بين الرجل والمرأة، فالمرأة سكن والرجل راع، بكل ما تفرضه عليه واجبات الرعاية. 

أقول ذلك بعد أن لمست أن تأخيرا في صدور قانون الأحوال الشخصية قد يكون سببه هذا الصراع الذي ظهر بوضوح من قبل جماعات نسوية وفي المقابل محاولات ذكورية، وكلا الطرفين يحاول أن يصنع نصوصا في صالحه ضد الطرف الآخر.

 

يقودنا المنطق إلى صياغات تحفظ للأطفال حقوقهم، وتعنى بوضع حلول إنسانية لما يمكن أن يظهر من خلافات بين الطرفين إذا ما استحالت الحياة بينهما. الطرف الأضعف هو الطفل الذي سيجد نفسه يعيش هذا الصراع، سواء جاء الصراع بنصوص قانونية أو بجهل طرف أو تعنته، والحل هو مواجهة التعنت والجهل والحقد والكراهية.

 

الغرب الآن بعد أن قطع شوطا كبيرا في قضية حقوق المرأة، لم يجد بدا من تغيير فكرة الرؤية على سبيل المثال، وجعل منها استضافة وغيرها من مصطلحات سادت لفترات طويلة بين الطرفين.

مصطلح طليقتي أو طليقى إلى شريك الأبوة حرصا على الأجيال الجديدة التي تنشأ في أوساط وجدت أن الانفصال هو الطريق الوحيد لاستمرار الحياة، وحرصا على نشوء الطفل في بيئة صحية ملائمة.

 

 

هو التسريح بإحسان في ثقافتنا، وعلى الموسع قدره وهي قضية لا يمكن تحقيقها دون وعى حقيقي بحقيقة المشكلة التي نعيش فصولها في بلادنا، بعد تزايد حالات الطلاق وضياع أجيال، بسبب جهل البعض أو وجود نصوص قانونية تغفل هذا الجانب الإنسانى. الأمثلة كثيرة وحصرها يحتاج إلى تفكير عقلانى وعلمى  ينظر إلي الطرفين باعتبارهما أصل الحياة.. الطرفان يمكنهما استكمال الحياة كشريكين من أجل الجيل الجديد.

مواجهة المشكلة لا يمكن أن يبنى على إعلاء طرف على آخر فالأمر جد خطير، ونتائجه كارثية نراها في بيوت كثيرة، وسبب تعقيدها التدخل الجائر وتصوير الأمر باعتباره معركة لابد وأن ينتصر فيها طرف.

الجريدة الرسمية