رئيس التحرير
عصام كامل

دراسة بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية تضع معايير التعامل مع الشيخوخة النشطة

الشيخوخة النشطة
الشيخوخة النشطة

أجرت الدكتورة سهير صفوت عبد الجيد أستاذ النظرية الاجتماعية كلية التربية بجامعة عين شمس دراسة عن الشيخوخة النشطة "من الاحتياجات إلى الحقوق"، لوضع خارطة طريق لتصميم سياسات مثلى للتعامل مع الشيخوخة النشطة.

توقع ديموغرافيون أنه بحلول عام 2050، سيكون عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم الـ 60 عامًا أكثر من عدد الأطفال على مستوى العالم، وهو تحول له مغزى ولم تشهده البشرية من قبل.

عدد المسنين عالميا

سيشكل عدد المسنين فى تلك السنة ربع سكان العالم على الأقل (1.2 مليار نسمة) وإذا سارت المعدلات كما هى، فمن المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 3.2 مليارات نسمة عام 2100، أي نحو 28.5 في المائة من عدد سكان البشرية المتوقع أن يلامس 2.11 مليار نسمة، ويمكن إرجاع ذلك لسببين، الأول قلة معدلات الإنجاب، أو انخفاض معدلات الخصوبة الكلية فى العالم بما يعنى اتجاه قطاعات كبيرة من الأسر فى مناطق العالم المختلفة إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال وبخاصة مع ارتفاع مؤشرات التنمية البشرية، والسبب الثانى دافعه التقدم الصحى الذى بدوره أدى إلى ارتفاع "متوسط العمر المتوقع " أو "مأمول العمر".

وعملت هذه الدراسة علي فهم كيفية الوصول بالناس إلى "السن المتقدم مع الصحة الجيدة"، ويشار إلى أن الشيخوخة النشطة تعرف بالشيخوخة الناجحة، كما أن توفير جوانب إيجابية لحياة الشيخوخة من العوامل المهمة فى تحقيق التوقعات الصحية المأمولة. وفى المجتمعات التى يتزايد فيها عدد المسنين، ينبغى إيلاء اهتمام كبير لمشاركتهم فى الحياة وعدم إهمالهم.

تقرير الأمم المتحدة

ووفقًا للأمم المتحدة (تقرير 2015م)، فإنه سترتفع نسبة كبار السن 65 عامًا من 901 مليون 12.3% في عام 2015 إلي 1.4 مليار  16.5% في عام 2030 زيادة 56%، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية تقرير 2002، فإن فئة كبار السن ستتمكن من الحفاظ على صحتها وعافيتها إذا زادت من مشاركتها فى الأنشطة اليومية.

ووصفت المنظمة الشيخوخة النشطة بأنها عملية تحسين فرص الصحة والمشاركة والأمان رغم تقدم الناس فى السن، ومع مراعاة استناد هذه السياسات والبرامج إلى مواثيق الحقوق والاحتياجات المتعلقة بهذه الفئة العمرية المتقدمة

وتنص الوثيقة نفسها أيضًا على أن "هذه السياسات والبرامج"، يجب أن تستند إلى حقوق كبار السن واحتياجاتهم
وتفضيلاتهم وقدراتهم"، كما توضح برامج الاتحاد الأوروبي مثل الشراكة الأوربية للابتكار فى الشيخوخة النشطة
والصحية أهمية الشيخوخة النشطة فى السياسة والابتكار.

الشيخوخة النشطة
 

ويشير مصطلح "الشيخوخة النشطة" إلى نموذج غير تقليدى للشيخوخة والذى يفترض تحسنًا محتملًا فى الصحة رغم زيادة طول العمر، ويعتمد النموذج الجديد على تأجيل الانخفاض الوظيفى- بنسبة ربما تكون أكثر من انخفاض معدل الوفيات وضغط المرض- إلى أقصر فترة قبل مغادرة الحياة. وكانت الخبرات المتراكمة مع النموذج القديم تشير إلى أن زيادة طول العمر تؤدى حتمًا إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض.

فى علم الشيخوخة، من الضرورى التمييز بين سياسات الشيخوخة النشطة والشيخوخة النشطة للأفراد، فالسياسات هى إجراءات موجهة نحو الهدف من قبل السلطات فى حين أن الشيخوخة النشطة فى حياة الأفراد قد لا يتم تصنيفها على أساس أهداف السياسة فقط، وعلى الرغم من وجود الكثير من الاهتمام بالشيخوخة النشطة، فإن الإبحاث التجريبية والمعرفة بالشيخوخة النشطة لم تتقدم الإ قليلًا، وظل تعريفها ومحتواها متنوعًا.
ولهذه الغاية، نستطيع تطوير تعريف الشيخوخة النشطة التى تتمحور حول الفرد بأنها: "السعى وراء عناصر الرفاهية من خلال الأنشطة المتعلقة بأهداف الشخص وقدراته الوظيفية وفرصه".

الركائز الثالث للشيخوخة
 

وتستند خارطة الطريق إلى سياسة ثلاثية الأبعاد لمعالجة الركائز الثالث للشيخوخة النشطة، وهى:
الصحة، والمشاركة، والأمان.

وكشفت الدراسة أنه للحفاظ علي الصحة يجب منع عبء الإعاقات الزائدة وتقليل الأمراض المزمنة والوفيات السابقة لأوانها، ويجب أن يسن قانون السياسات والبرامج التى تعالج العوامل الاقتصادية التى تسهم فى ظهور المرض والإعاقات فى وقت لاحق من الحياة (الفقر، عدم المساواة، والإقصاء، انخفاض مستويات الإلمام بالقراءة والكتابة، نقص التعليم)، وهنا لابد من إعطاء الأولوية لتحسين الصحة للفقراء والمهمشين

وأكدت الدراسة علي أنه يجب أيضا للحفاظ صحيا علي الشيخوخة النشطة، تقليل عوامل الخطر المرتبطة بالامراض الرئيسية وعوامل الوقاية التى تحمى الصحة طوال مسار الحياة، باتخاذ إجراء شامل فى المجتمعات المحلية والوطنية والدولية يهدف إلى السيطرة على تسويق واستخدام منتجات التبغ وتقديم المساعدة لكبار السن حتى يقلعوا عن التدخين، وتطوير المعلومات والمبادئ التوجيهية المناسبة بشأن النشاط البدنى لكبار السن من الرجال والنساء وتوفير الوصول لها بأسعار معقولة نشطة )مثل مناطق المشى الآمنه والمتنزهات وتثقيف الناس والمهنيين بأهمية النشاط مع تقدم المرء فى السن، وأيضا يجب ضمان التغذية الكافية طوال دورة الحياة، ولا سيما فى الطفولة وبين النساء فى سنوات الإنجاب.

وأيضا يلزم تعزيز صحة الفم بين كبار السن وتشجيع النساء والرجال على الاحتفاظ بأسنانهم الطبيعية لفترة
طويلة بقدر الإمكان، وتشجيع وتمكين الناس من بناء الكفاءة الذاتية والمهارات المعرفية مثل حل المشكلات والسلوك
الاجتماعي الإيجابي ومهارات التأقلم الفعالة طوال دورة الحياة، والاستفادة من الخبرة ونقاط القوة من كبار السن مع مساعدتهم على تحسين صحتهم النفسية، توفير الادوية الأمنة الأساسية لكبار السن بأسعار معقولة وتمكينهم من الوصول إليها، وتقليل الوصفات الصحية غير الملائمة المكتوبة من الاستشاريين الصحيين، وتوعية الناس بمخاطر الإسراف فى الدواء، فضلا عن تطوير سلسلة متصلة من الرعاية بأسعار معقولة، وخدمات صحية واجتماعية سهلة المنال وعالية الجودة وصديقة للبيئة لمعالجة احتياجات وحقوق النساء والرجال مع تقدمهم فى العمر.

المشاركة
 

أما عن الأمر الثاني للحفاظ علي الشيخوخة النشطة هي المشاركة من خلال تمكين المشاركة الكاملة لكبار السن من خلال توفير السياسات والبرامج فى التعليم والتدريب الذى يدعم التعلم مدى الحياة للنساء والرجال لتطوير المهارات، لا سيما فى مجالات مثل تقنيات المعلومات والزراعة الجديدة، وتمكين المشاركة الفعالة للناس فى أنشطة التنمية الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية والأنشطة التطوعية حسب الاحتياجات والتفضيلات والقدرات، واشراك كبار السن فى التخطيط، وتنفيذ وتقييم مبادرات التنمية االجتماعية والجهود المبذولة للحد من الفقر، وإشراك كبار السن فى العمليات السياسية التى تؤثرعلى حقوقهم، وذلك بتضمين النساء والرجال الأكبر سنًا فى التخطيط والتنفيذ والتقييم للخدمات الصحية والاجتماعية المحلية والبرامج الترفيهية.

الأمان
 

أما الركيزة الثالثة للحفاظ علي الشيخوخة النشطة الحد من عدم المساواة فى الأمان، وسن التشريعات وإنفاذ القوانين التى تحمى المرأة من العنف المنزلى وغير المنزلى وبخاصة مع تقدمهن فى السن، وتوفير الضمان االجتماعى للمسنات الاتي ليس لديهن معاشات تقاعدية أو دخلهن ضئيل بسبب عملهن طوال حياتهن أو معظمها فى المنزل أو القطاع غير الرسمي، والتعرف على أى إساءة للمسنين جسدية، جنسية، نفسية، مالية، إهمال (وتشجيع مقاضاة الجناة. وتدريب ضباط إنفاذالقانون ومقدمى الخدمات الصحية واالجتماعية والروحية وقادة المجتمع المدنى على معرفة حقوق المسنين وكيفية التعامل معهم والتحرك الفعال فور الإبلاغ عن إساءة معاملة المسنين.


وأوصت الدراسة بتطوير البحوث حول الشيخوخة النشطة، والسماح للمسنين بتولى أدوار أبوية بديلة للأيتام، وتقديم الدعم العينى والرعاية الصحية بأسعار معقولة، وكذلك القروض الحسنة لمساعدتهم على تربية هؤلاء الايتام.

 

 

الجريدة الرسمية